ـ يتفاخر في المناسبات الثقافية وغيرها أنه صاحب تجربة عريضة جداً، وأنه كان إماماً لمسجد الحارة، وكان يخطب الجمعة فيتَّهم المثقفين بما ليس فيهم، وأن الله منَّ عليه مؤخراً بالتوبة والهداية فترك «المطاوعة»، وأصبح صديقاً لهؤلاء المثقفين الذين كان يتَّهمهم بالأمس القريب.. ـ صاحبنا حلق لحيته وشاربه وبدأ يتحدث كثيراً هذه الأيام عن الثقافة والتنوير، ويشجب ويستنكر ما يثيره المطاوعة في البلد من مشكلات بزعمه، ويقول إنه يعرف أفكارهم جيداً، وأنهم خطر حقيقي لأنهم عبارة عن تنظيم واحد يتحرك لأهداف مشبوهة!! ـ صاحبنا التائب من «المطواعة» كما يقول كان إمام مسجد نعم، وكان شتَّاماً نعم، ولكنه لم يكن مؤثِّراً إلى الدرجة التي تجعله صاحب تجربة عريضة حينما يغيِّر رأيه وقناعاته لمنفعة، ويلبس ثياب النضال المختل والمرتبك.. كنت إماماً عادياً جداً يا مولانا، ولست من أصحاب التجارب والتحولات الفكرية العميقة كي نصدق مزاعمك أيها الهمام. ـ هذا النموذج التائب من «المطواعة»؛ مثله مثل النموذج التائب من الليبرالية.. كلاهما يدعي أنه اكتشف الحق فجأة ودون مقدمات، والحقيقة أن أغلب هؤلاء كانوا مجرد عوالق بائسة بالأفكار لا منتجين لها أو متبنين للنافع منها عن قناعة.. أغلبهم كذلك بكل أسف. ـ باختصار؛ هناك من دخل عالم المطاوعة كي يثري وينال حظوة اجتماعية وحينما فشل غير الاتجاه، وهناك من دخل عالم المثقفين كي يقال عنه مثقف مع أنه لم يقرأ كتاباً منذ تخرجه في الجامعة، ولذلك أرجو منكم ألا تصدقوا التائبين من هذه النوعيات إلا بعد أن تتأكدوا.. أغلبهم يتاجرون بكم.