جاء موسم الحج هذا العام في ظروف مختلفة مثلت تحديا كبيرا لأجهزة الدولة المعنية بخدمات الحج، خصوصا الأمنية والصحية، ما جعل الكثير يتوجسون مما يمكن أن يحدث، ليس تقليلا من كفاءة وخبرة وقدرة تلك الأجهزة ولكن خوفا من المفاجآت. في الجانب الصحي عشنا عاما مزعجا بسبب فيروس كورونا الذي تمت السيطرة عليه في النهاية لكن استمر الخوف قائما من تسلل حالات غير معروفة بين الحجاج قد تسبب مشكلة، ولا سيما والوضع الصحي في الحج تحت المجهر بسبب الإثارة التي أطلقتها بعض وسائل الإعلام الخارجية بشكل مبالغ فيه لا يخلو من تقصد لإخافة الحجاج القادمين من الخارج. وزاد الطين بلة انفجار وباء إيبولا في بعض الدول الأفريقية ليزيد العبء ويضاعف المسؤولية. وعلى الصعيد الأمني فإن موسم الحج جاء والأرض من حولنا تميد بالإرهاب والعنف واختلال القيم الإنسانية والمعايير الأخلاقية لدى الكوادر المنخرطة في جحيمه، والكل يعرف أن أولئك المهووسين الذين سيطر الشر عليهم كانوا يطلقون تهديداتهم للمملكة بين حين وآخر، ورغم ثقتنا نحن المواطنين في التدابير والإجراءات التي تتخذها الدولة لمنع تنفيذ تلك التهديدات إلا أن غيرنا في الخارج قد يداخله شيء من الخوف لأنه لا يعرف الحقيقة مثلنا. وإذا أضفنا إلى ذلك التحديات الأخرى المعتادة كل عام خصوصا مع المشاريع الكبرى التي تنفذ في الحرمين الشريفين والمشاعر فإن هذا الموسم شكل تحديا خاصا ومختلفا. ولكن.. رغم كل ذلك انتهت ذروة موسم الحج بنجاح استثنائي غير مسبوق يسجل امتيازا لكل الجهات العاملة فيه. نجاح متميز أبطاله كل فرد عمل في الحج وكأنهم جميعا استشعروا حساسية المهام الموكلة إليهم في هذا الموسم بالذات، فتفوقوا على أنفسهم وقدموا صورة أبهرت العالم، تحدث عنها البعيد قبل القريب. وما زالت وسائل الإعلام والتواصل تتناقل المشاهد الرائعة التي تمثل حقيقة المواطن السعودي الحقيقي الذي يعرف جيدا مسؤوليته تجاه وطنه وضيوف الرحمن الذين يستقبلهم. إننا نشعر بفخر حقيقي وشرف كبير إزاء ما تحقق. أما الذين حاولوا بخبث خدش هذه الصورة الناصعة فالوطن يعرف جيدا حقيقة مشاعرهم تجاهه ويعرف أين ولمن تذهب ولاءاتهم. مبروك لنا ولكل مسلم نجاح هذه المناسبة الإيمانية العظيمة.