بخلاف الأعوام الماضية، كان منزل عبداللطيف القاضي في حي الدوحة بمدينة الظهران «كئيباً» في عيد الأضحى المبارك، فهذا المنزل الذي ألِفَ صيحات الفرح والابتهاج في الأعياد الماضية، كانت الدقائق تمرّ فيه أول من أمس ثقيلة حزينة كئيبة. والكل يترقب أي خبر يبث شيئاً من الفرح عن الابن الغائب الذي انقطعت آثاره منذ أسبوعين في ظروف «غامضة». ولا تزال أجهزة الأمن في ولاية لوس أنجيلس في حيرة من أمرها، تسعى جاهدة لفكّ لغز هذا الاختفاء من دون التوصّل إلى خيط أو دليل قاطع يرجح أياً من الاحتمالات الكثيرة التي طرحت منذ اختفى عبدالله. ووصف محمد القاضي، وهو شقيق المفقود، الذي كان من المقرر أن يتخرج في الهندسة الكهربائية العام المقبل، شعور عائلته بغيابه بـ «الصعب». عقب اجتماعهم في مثل هذا الوقت بالتحديد في الأعوام الماضية. وقال لـ «الحياة»: «إن الأمر رهين البحث والتحريّات»، مؤكداً «دخول جهات عدة للمساندة في عمليات البحث عن أخي». ولفت إلى أنه «متفائل» بعودة أخيه، عازياً السبب إلى «فضل هذه الأيام، إضافة إلى دعاء الكثيرين لعبدالله بالفرج». فيما تكاثفت الجهود من خلال أقربائه الذين سخّروا الإمكانات كافّة، وعمل أصحابه الذين شاركوه الهمّ الدراسي على وضع صور متعددة ومختلفة المواصفات له على جدران أبنية المدينة. وكان التفاؤل بعودة عبدالله القاضي، الذي لم يتجاوز سن الـ23 من عمره، واضحاً على الجميع من خلال تحرّكاتهم، على رغم «الانكسارات» التي تتجوّل في صدورهم. ومنذ حين، لا يعلم بحال المنتظر الغائب حتى يعود، إلا المولى عزّ وجلّ. فقد أعلنت شرطة مدينة لوس أنجيلس الأميركية أول من أمس السبت، أن المباحث الفيدرالية (إف بي آي) ستقوم بالمشاركة في عمليات البحث عن الطالب السعودي المفقود منذ أسبوعين عبدالله القاضي، الذي كان يدرس في جامعة كاليفورنيا بنورثريدج. وبحسب ما نشرت صحف أجنبية أن ذلك «جاء بناءً على رغبتها في مشاركة الشرطة المحلية عمليات البحث». وحتى العمل بهذا القرار والخروج بنتيجة تعيد الابتسامة والفرحة التي فارقت أوجه ذوي المفقود. لم تهدأ ساحات مواقع التواصل الاجتماعي من التغريد بالدعاء في هذه الأيام الفضيلة. وقامت مجموعة من الحسابات بتوحيد الصورة، إضافة إلى عمل «هاشتاقات» بمختلف اللغات والأساليب. واحتوت على أدعية وأحاديث وآيات قرآنية، وإعادة تغريد (ريتويت) لآخر ما كتبه القاضي في حسابه. يذكر أن عبدالله القاضي، عرض سيارته للبيع، وتلقى اتصالاً يفيد برغبة المتصل في الشراء، فخرج لإنهاء الإجراءات الخاصة بالبيع. وكانت الليلة الأخيرة له برفقة أبناء عمومته وأخيه الأكبر في مسكنهم، ولم يعد حتى الآن. ولم يرد على اتصالات شقيقه وأبناء عمومته منذ خروجه. وبدأت رحلة البحث وقامت الأجهزة الأمنية بتتبع السيارة والعثور عليها برفقة مالكها الجديد، الذي تم التحفظ عليه وإحالته للتحقيق، لكن لم يثبت أي دليل ضده. وذكر شقيقه أحمد لـ «الحياة» أن عبدالله انتقل لدراسة بكالوريوس الهندسة الكهربائية في ولاية كاليفورنيا قبل أربعة أعوام، لافتاً إلى أنه على «وشك التخرج الذي لم يتبقَ عليه سوى عام». وأشار إلى أن المفقود، وهو الرابع في العائلة، لديه ثلاثة أشقاء أكبر منه، وهم أحمد ومحمد وعبدالرحمن، مؤكداً أنه كان «متفوقاً ومستوى تحصيله ممتاز، بشهادة الملحق الثقافي السعودي في أميركا الدكتور محمد العيسى».