دارت نقاشات بين أكاديميين وعلماء دين حول ثوابت المجتمع. وتواصلت أمس جلسات مؤتمر الوحدة الوطنية.. قيم وثوابت في جامعة الإمام محمد بن سعود في يومها الثاني. ودعا الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين للابتعاد قدر المستطاع عن وسائل التواصل الاجتماعي وتغريدات تويتر لما فيها من نعيق - على حد قوله - لحفظ الدين والعقل عما يبث من الأفكار الخادعة والأهواء المفرقة الموجعة. وأكد الشيخ عبد الرحمن السديس أن هناك أناسا مغررا بهم سلموا عقولهم لمواقع التواصل الاجتماعي دون أن يرجعوا لعلمائهم، موضحاً أن اللغة المستخدمة في تلك المواقع من السباب والشتم هي لغة المنهزمين والمغلوبين فكرياً، مشدداً على أن المجتمع لن يضعف أمام كل هذا الإسفاف مقابل الصلابة بالحق، ولو أخذ ماله وجلد ظهره. وحذر في كلمته أثناء حفل افتتاح جلسات المؤتمر الذي افتتحه الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي بحضور الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام السعودية، من الاستجابة والانجراف نحو مهددات الوحدة الوطنية في وسائل التواصل الاجتماعي لما فيها من فتن وتحريض على ولاة الأمر، مؤكداً أنها معيبة وفيها من الإسفاف وأسباب رئيسة لفرقة المجتمع. واستطرد السديس بأخذ العبرة والعظة من الأحوال التي تدور في الدول العربية من فتن وسفك للدماء والعنف بأن يعي المجتمع أهمية الوحدة الوطنية في المجتمع السعودي. من جانبه، استنكر الدكتور إبراهيم الميمان وكيل جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية التلازمية التي دعا إليها المحاضرين أثناء جلسات المؤتمر بالجمع بين حقوق العباد على ولي الأمر وواجباتهم عليه، مشدداً على ضرورة ألا يكون التقصير في الحقوق مسوغاً للتقصير في الواجبات، قائلاً: جاءت النصوص لتؤكد على مسألة الوحدة والجماعة والطاعة، وهذا ما بايع عليه الصحابة رسولهم- صلى الله عليه وسلم. وحذر من خطورة الربط بين الحقوق والواجبات لما فيها من مساومة تظهر من خلال منح ولي الأمر للواجبات التي له مقابل أخذ المواطنين حقوقهم في بادئ الأمر، مستدلاً بالوعيد الشديد الذي ورد في حديث لصحيح مسلم لمن جعل بيعته لإمامه مقابل إعطاء الحقوق، بقوله-صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، حيث شمل العذاب رجلا بايع إماما لمنفعة دنيوية إن أعطاه وفا وإن لم يعطه لم يفِ. ونبه الميمان في الإطار ذاته من شبهات العصر الحالية المتعلقة بالثقافة المدنية أو الحقوقية، حيث شرع محرضون في دغدغة عواطف المواطنين والتهييج والإثارة بناء عليها، ودلل الميمان حديثه بوسم الراتب ما يكفي الحاجة في تويتر ليحرك العواطف بعد أن لوحظ أن الوسم مصدره من الخارج ولهم مصلحة منه. فيما عقب الدكتور عبد القادر شيخلي عضو التدريس في مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية وحوار الحضارات بجامعة الإمام في ورقته: مقومات تعزيز الوحدة الوطنية على الميمان بقوله: لا يمكن أن يكون هناك موظف مغبون لم يحصل على مستحقاته يؤدي واجباته بالشكل المطلوب منه في الوقت الذي لم ينل حقوقه، وهنا تكون المفارقة، لافتاً إلى أن الشرع نظم العلاقة بين الحقوق والواجبات وربط بينها، مشيراً إلى أن حديث الرسول عن العذاب لمن بايع ولي الأمر لمنفعة دنيوية لا علاقة به بألا يحصل المسلم على حقوقه من ولي الأمر، ولا يعني ألا يطلب حقه الشرعي الذي منحه الله له بأن يعيش كريماً. وفي إطار آخر، شارك كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية بورقة عمل الدكتور عبيد العمري بعنوان: مضامين المواقع القبلية الإلكترونية على الوحدة الوطنية، وخلص فيها بأنها عززت مفهوم العصبية القبلية بالتفاخر بإنجازات القبيلة ومجدها ورموزها، حيث إن جميع أقسام تلك المواقع والمنتديات تتفرع للحديث عن أبرز أسماء أصحاب المناصب من أفراد تلك القبيلة ومراكزهم في المجتمع، وأقسام أخرى تتحدث عن الإبل والخيل وفرسانها والجوائز التي حصدتها، وأقسام تستعرض نسب القبيلة وفروعها دون مشاركة النساء في هذا القسم فقط. وانتهى الباحث إلى أن مثل هذه المواقع المنتشرة في الفضاء الإلكتروني عززت مفاهيم التأخر الحضاري للمملكة خصوصاً بمشاركة الشعراء بمدح قبيلته وذم باقي القبائل. واختتم العمري دراسته بأن جميع تلك المواقع لم تذكر الوطن ولا الملك لا من قريب ولا من بعيد بين صفحاتها.