في وقت تعد فيه سوق الأسهم السعودية أمام خطوة تاريخية تتمثل في قرب السماح الفعلي للمستثمرين الأجانب بالشراء والبيع في السوق المحلية، أصبحت هذه السوق تتابع عن كثب تحركات أسعار النفط العالمية خلال الأيام القليلة الماضية، ويأتي ذلك بسبب ارتفاع عدد شركات الصناعات البتروكيماوية المدرجة في تعاملات السوق من جهة، واعتماد ميزانية البلاد على مبيعات النفط بشكل رئيس من جهة أخرى. وفي سيناريو جديد يدل على تأثر نفسيات المتعاملين في سوق الأسهم السعودية بمجريات الأسواق العالمية، افتتحت تعاملات السوق في ختام أيام الأسبوع، على انخفاضات حادة بلغت أكثر من 100 نقطة في الدقائق الأولى من الافتتاح، تحت تأثير تراجع أسعار أسهم شركات قطاع البتروكيماويات عقب تسجيل النفط خسائر جديدة. إلا أن هذا السيناريو المقلق لصغار المتداولين سرعان ما شهد انفراجا إيجابيا عندما نجح مؤشر السوق في تقليص خسائره في الساعتين الأوليين من التداولات إلى 40 نقطة انخفاضا، جاء ذلك قبل أن يغلق في نهاية المطاف على اللون الأخضر؛ مما يعني أن مؤشر سوق الأسهم السعودية مع ختام تعاملاته قبل التوقف لإجازة عيد الأضحى المبارك، حقق ارتدادا إيجابيا للغاية. ويمثل تراجع سعر نفط برنت إلى 91.6 دولار، كأدنى مستوى يجري تحقيقه منذ 17 شهرا، أمرا مقلقا بالنسبة لملاك أسهم قطاع البتروكيماويات في سوق الأسهم السعودية، التي تراجعت بنسب تتراوح بين 2 و4 في المائة خلال تداولات الأسبوع المنصرم، قبل أن يسعى مؤشر السوق إلى التماسك في بعض فتراته خلال الأسبوع الأخير من تعاملاته قبيل إجازة عيد الأضحى، بعد دخول سيولة شرائية جديدة تستهدف اقتناص الفرص المتوافرة. وفي السياق ذاته، كشفت نشرة إصدار اكتتاب البنك الأهلي التجاري في السعودية عن تسلم 8 بنوك محلية طلبات اكتتاب البنك، والبنوك الـثمانية هي: البنك العربي، والبنك السعودي الفرنسي، وبنك الرياض، وبنك سامبا، والبنك السعودي الهولندي، والبنك الأهلي التجاري، وبنك ساب، والبنك السعودي للاستثمار. ووفقا لنشرة الإصدار الصادرة على موقع هيئة السوق المالية السعودية، فإن 4 بنوك أخرى في البلاد لن تكون ضمن قائمة البنوك المتسلمة لطلبات اكتتاب البنك الأهلي، والبنوك الأربعة التي تخلفت عن تسلم طلبات الاكتتاب الأضخم في تاريخ السوق المالية السعودية، وهي: بنك الراجحي، وبنك البلاد، ومصرف الإنماء، وبنك الجزيرة. ومن المنتظر أن يطرح البنك الأهلي التجاري 300 مليون سهم أمام المكتتبين الأفراد في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بسعر 45 ريالا للسهم الواحد (12 دولارا)، على أن يكون الحد الأدنى لطلبات المكتتب هي 10 أسهم للفرد الواحد، كما أن تحديد سعر اكتتاب البنك الأهلي التجاري عند 45 ريالا للسهم (12 دولارا)، كان يمثل نقطة ضغط أخرى على تعاملات السوق خلال الأيام القليلة الماضية؛ حيث يهدف بعض المتداولين إلى توفير بعض السيولة النقدية اللازمة لإتمام عمليات الاكتتاب خلال فترة الطرح العام. وفي هذا السياق، أغلق مؤشر سوق الأسهم السعودية في ختام تعاملاته الأسبوع المنصرم، عند مستويات 10.851 نقطة، وسط سيولة نقدية متداولة، بلغ حجمها نحو 6.7 مليار ريال (1.7 مليار دولار)، ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه أسعار أسهم 54 شركة ارتفاعا مقابل تراجع أسعار أسهم 94 شركة أخرى. ويرى متابعون لسوق الأسهم السعودية أن إغلاق المؤشر العام في نطاق اللون الأخضر قبيل التوقف لإجازة عيد الأضحى المبارك، يمثل مستويات دعم مهمة لنفسيات المتعاملين، وسط توقعات بأن تعاود السوق تعاملاتها عقب إجازة عيد الأضحى المبارك، محاولا اختراق مستويات 11 ألف نقطة مجددا. وفي ظل هذه التطورات أكد الدكتور خالد اليحيى، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، يوم أمس، أن افتتاح مؤشر سوق الأسهم السعودية على انخفاضات حادة في اللحظات الأولى من تعاملات يوم الخميس الماضي، أحدث نوعا من البيوع الجماعية التي زادت فرصة تزايد حدة الانخفاض، وقد جاء ذلك قبل أن ينجح مؤشر السوق في امتصاص حالة الهلع، في ظل دخول أوامر شراء جيدة جدا، نجحت في دفع المؤشر العام نحو الإغلاق في المنطقة الخضراء. ولفت اليحيى إلى أن المتابعين لسوق الأسهم السعودية ما زالوا يطمحون كثيرا إلى بلوغ حاجز 12 ألف نقطة، قبيل السماح الرسمي للمستثمرين الأجانب بالشراء والبيع في السوق المالية المحلية، وقال: «قد يكون هناك بعض الانخفاض في حدود 200 نقطة كأقصى حد، إلا أن المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية مرشح لتحقيق نقاط إيجابية جديدة كان قد عجز عنها خلال السنوات القليلة الماضية». وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يسعى فيه مستثمرون سعوديون إلى الاستفادة من موجة التذبذب الحادة التي تشهدها أسواق العملات خلال الفترة الحالية، خصوصا بعد أن قفز الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته منذ نحو 4 سنوات، ومن فترة التوقف التي تشهدها سوق الأسهم السعودية؛ بسبب إجازة عيد الأضحى؛ إذ قرر مستثمرون سعوديون توجيه جزء من سيولتهم النقدية إلى المضاربة في سوق العملات خلال الأسبوع المقبل. وسجل الدولار الأميركي، يوم أمس، تقدما جديدا أمام اليورو؛ حيث بلغ الدولار الأميركي مستويات 1.25 يورو كأفضل مستوياته، وهو الأمر الذي يضفي في نهاية المطاف نتائج إيجابية على الريال السعودي، الذي يرتبط بشكل مباشر بالدولار الأميركي. وقال خالد السلطان، مستثمر سعودي، إن «توقف سوق الأسهم السعودية خلال تعاملات الأسبوع الحالي بسبب إجازة عيد الأضحى المبارك، يدفع بعض المتداولين الذين يبحثون عن المضاربات اللحظية إلى توفير سيولة نقدية والاتجاه إلى أسواق العملات». وأضاف السلطان لـ«الشرق الأوسط»، خلال حديثه قبل نحو 3 أيام: «هناك تذبذب كبير في سوق العملات، وتراجع اليورو مقابل الدولار قد يحفز بعض المستثمرين السعوديين على البحث عن الفرص المتاحة في هذه السوق، والمخاطر قد تكون أقل منها في الفترة الماضية، نتيجة استقرار الاقتصاد الأميركي وتحسنه». ومنذ الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية عام 2008، بدأ الدولار الأميركي يسجل تراجعات كبيرة أمام العملات الأخرى؛ وهو ما أضاف تحديات كبرى أمام الريال السعودي، الذي تراجع هو الآخر بسبب ارتباطه بالدولار الأميركي؛ مما زاد مستويات أسعار واردات السلع الأوروبية والشرق آسيوية، على وجه الخصوص. ويبدو أن التقدم الإيجابي الذي يسجله الدولار الأميركي خلال الفترة الحالية، من المتوقع أن يقود إلى انخفاض ملحوظ على أسعار السلع الأوروبية والشرق آسيوية التي يجري استقطابها إلى السعودية، إلا أن هذا الأمر قد يحتاج إلى عدة أشهر، وهي الفترة التي قد يسجل فيها الدولار الأميركي تقدما جديدا