×
محافظة المنطقة الشرقية

الفارس: «صوامع الغلال» بدأت بصرف مستحقات الدفعة الثانية لـ823 من مزارعي القمح

صورة الخبر

يعجز كثيرون عن التصالح مع ذاتهم، وهو ما يوقعهم في مشكلات كثيرة، تتجاوز قدرتهم على الخروج منها، أو التكيُّف مع محيطهم، سواء الأُسَري أو المهني، أو حتى في نطاق دائرة الأصدقاء. إن مسألة التصالح مع الذات، لا يمكن القفز عليها، أو تجاوزها أو التعامل معها على أنها ترف غير موضوعي، لا حاجة لنا به، فهذه المسألة باتت من أهم متطلبات العمل في عديد من المؤسسات المهنية الكبرى، التي تشترط فيمن يتقدم للعمل في طواقمها الاحترافية أن يكون قادراً على التعامل مع أطياف واسعة من الأشخاص والعاملين من خلفيات ثقافية ودينية وعرقية متنوعة، وعدم النظر إلى الآخرين أو تقييمهم بناء على إسقاطات عرقية أو دينية أو اجتماعية. يمكن التوسع قليلاً في هذه المسألة، والإشارة هنا، إلى أن خروجنا من نطاق دائرة الصداقة والأسرة والشركة أو العمل إلى نطاق أوسع، يحتِّم علينا أيضاً أن نشير إلى وجوب التصالح مع الذات على نطاق الأمم والشعوب. وهو ما يعني أن نعمل على تهيئة جيل جديد يؤمن بالتعايش والسلام والمحبة وعدم بغض الآخر، لأنه يختلف معه في الثقافة والعادات والتقاليد أو حتى الدين. إن تهيئة وتنشئة جيل متسامح ومتقبل لذاته وللآخرين، يسهم في تجسير روابط المحبة والسلام بين الشعوب، ويسهِّل انخراط الجيل الجديد من أبناء مجتمعاتنا العربية والشرقية في دائرة التلاقح والتلاقي الحضاري مع المجتمعات الصناعية الغربية والآسيوية المتقدمة، التي نحتاج إلى التصاهر معها ومسايرتها والاستفادة من نتاجها الفكري والحضاري، لنقل وتوطين المعرفة والتكنولوجيا في مدننا وبلداننا. إن التعايش والتصالح مع الذات، على صعيد الأفراد والمجتمعات، هو بوابة العبور إلى التميز والتقدم والريادة والإنجاز، فمن خلال هذه البوابة، سنصبح قادرين على التبسم في وجه الآخرين، والتعامل معهم على أنهم جزء مكمِّل لنا وشريك في الحضارة والإنسانية، وأننا نستطيع أن نؤثِّر فيهم وليس فقط التأثر بهم. إن التصالح مع الذات، يقلل من الوقت المهدور الذي يستغرقه المرء في التشاحن والتباغض مع الآخرين، الذي يستنفد قدراته وتركيزه في الإنتاج والعطاء والتميز، بعدما يكون قد عطَّل جزءاً مهماً من قدراته وطاقاته الفكرية والبدنية، في تتبع عورات وأخطاء وهفوات الآخرين، بدلاً من التكامل معهم في سبيل الانصهار في بوتقة واحدة، لخلق فريق متكامل ومتعاضد ومتعاون لا هدف له إلا العطاء والابتكار والتميز. فهل نعقل ونتوكل، وهل نتصالح مع ذاتنا ونكرِّس جهدنا ووقتنا للإبداع والتميز في دائرة التسامح والتعايش والتصالح مع الذات والآخر؟!