تحذر وزارة الداخلية كل سنة من استغلال الحج بشكل سياسي. ومنذ ثمانين سنة وأكثر، والسعودية تنظم هذا الموسم بنجاح. مرت بعض الأحداث الصغيرة التي لا تتجاوز حدثين أو ثلاثة في تاريخ الحج، لكنها لا تشكل نسبة مقارنة بالأحداث الناجحة. إبان فوران الأحداث السياسية بالمنطقة حاول بعض الحزبيين استغلال الحج ولكن تم وأد هذه المحاولات بمهدها. السعودية ليست بلدا قمعيا كما يدعي البعض، بل بلد يعتمد على الانضباط والتعلق بالمشاعر المقدسة من دون التحزيب لها أو جر المفاهيم الدينية نحو مجالات سياسية مهما كانت هذه المجالات قريبة من السعودية أو بعيدة عنها. ثلاثة ملايين حاج في بضعة كيلومترات، هذه مسيرات لكنها لله وحده، ليست مسيرات للتهييج الجماهيري، أو الهتاف لشخص، ليست مسيرات «بالروح بالدم»، بل أفواج من المخبتين لله الذين يرجون رحمته ومغفرته، يغتسل الناس بأرواحهم في هذه البقاع، تستطيع السعودية أن تستوعب على كيلومترات من أراضيها أكبر مشهد ديني بالعالم من دون أي خلل سياسي أو استغلال حزبي، هذه هي دولة المعنى الديني والانضباط الفردي، لا دول الصراخ والزعيق! على أرض عرفات ملايين الضارعين لربهم والمخبتين بين يديه السائلين من رزقه وعطائه ومنه، هؤلاء هم المسلمون الطبيعيون فلا حزبية ولا انتماءات سياسية ضيقة! هنا الحج، حيث اللجوء لله وحده، فلا هتاف لزعيم أو ضد زعيم آخر، بل المسيرات المليونية هذه تجري في مكان صغير راغبة الله وحده، موسم يستحق أن يكون درسا للمتطرفين المتحمسين والمناضلين والناشطين، السير نحو ركن من الدين لا إلى برنامج سياسي أو هتاف حزبي. حفظ الله هذا البلد من كل سوء.