في مناسبات الحج وعيد الفطر واليوم الوطني وغيرها.. يعزف القرّاء عن قراءة الصحف وحضور المحاضرات والندوات تحت ذريعة أن ما يكتب ويقال في مثل هذه المناسبات مكرور ومعاد ولا يختلف عما قيل وسيقال مستقبلاً. في المقابل فإن الكتّاب والصحافيين ومقدمي المحاضرات والندوات لا يعتنون بالموضوعات التي تكتب أو تقدم كما ينبغي بحجة أن «لا أحد يقرأ» أو «يحضر» في مثل هذه المناسبات!!! المسألة حقيقة لها علاقة بالذهنية التي تنزع إلى الراحة من خلال ألفتها الاجترار والتكرار لكل ما قد قيل وسيقال. فلا تفكر بقراءة المناسبة من زاوية أخرى تختلف عما يُقدم، أو إقامة فعالية أكثر إدهاشاً وجاذبية وفائدة بحيث لا تشبه غيرها، لتخرج من عباءة أداء الواجب. وهذه المعضلة لا تتعلق فقط بأيام المناسبات من كل عام، بل حتى في طريقة تناول مجمل الموضوعات التي تطرح كرسائل علمية أو في الملتقيات والمؤتمرات... غالباً هناك نزوع إلى اجترار الجوانب النظرية المعادة مئات المرات حتى وصلت حد الإملال.. الباحث يبدأ، عادة، موضوعه ليس من حيث انتهى الآخرون، بوصف العلم عملية تراكمية، بل تجده يقدم فصولاً مطولة وتمهيدات تاريخية، وحشداً للمفاهيم والمصطلحات المنهكة، لينقطع نفَسَه قبل أن يصل إلى معالجة موضوعه الأهم. الشأن نفسه لا يختلف في موضوعات الملتقيات والندوات، يعزف المثقفون والأكاديميون وعامة الناس عن الحضور لأن ما يطرح فيها من محاور اجترار لما قيل، ومعلوم لدى الجميع، وإن لم يكن كذلك فإن الحصول عليها ميسر من خلال محركات البحث وبأقل مجهود. إن كان الموضوع، على سبيل المثال، عن تعليم المرأة. فستعثر على جملة أوراق مقدّمة تتحدث عن تاريخ تعليم المرأة، ومسيرة التعليم، وأبرز المنجزات.... وغيرها مما قد هلك طرقاً وملّ الناس من سماعه. بالكاد تعثر عمن يقدم زاوية جديدة مدهشة وقيّمة تتضمن إضافة فعلية علمية في مثل هذا الموضوع. ودائماً هناك جنوح للأسهل والجاهز والأكثر راحة.