روى أستاذ للعلوم السياسية في إحدى جامعات مصر أنه طرح على طلابه سؤالا واحدا: متى بدأ الخراب؟ ثم أعطاهم مهلة أسبوعا للإجابة، مشترطا أن يكون الجواب مقتصرا على تاريخ واحد وعنوان واحد، لا أكثر. شارك في الاستفتاء طلاب الكلية بجميع صفوفها. النسبة الكبرى كان جوابها أن الخراب بدأ عام 1967، بجميع أيامه وليس فقط في 5 يونيو (حزيران)، لأنه مجرد يوم تحمَّل تداعيات ما قبله وتدهور ما بعده. مجموعة أخرى أعطت عام 1948. فئة ثالثة ذكرت أن كل شيء بدأ مع الانقلاب العسكري الذي قام به العقيد حسني الزعيم في سوريا عام 1949. مجموعة غير قليلة ذكرت أن دائرة العنف بدأت مع انقلاب عبد الكريم قاسم على الملكية في العراق. الطلاب الليبيون في الكلية اتفقوا جميعا على 1 سبتمبر (أيلول) 1969 وانهيار الشعور بالوحدة والحرية. بعض المشاركين ذكروا احتلال العراق للكويت وتدمير الثقة العربية. جواب آخر قال الاحتلال الأميركي للعراق. على الرغم من الشرط الذي وضعه الأستاذ المحاضر، أصرّ عدد من الطلاب على إعطاء أكثر من إجابة واحدة. البعض قال إن الخراب بدأ مع قيام الوحدة المصرية - السورية بالطريقة التي قامت بها، ثم انهيارها بالطريقة التي انهارت بها. طلاب السنة الثالثة اتفقوا على إجابة واحدة هي أن كل شيء بدأ مع سقوط الديمقراطية وظهور الأنظمة العسكرية. مجموعة متفرقة قالت سقوط النظام الاقتصادي الحر وتوقّف التقدم وجعل الطاقات البشرية الكبرى في خدمة الحزب. من الأجوبة ما تحدث عن حروب ومؤامرات الحدود والتدخل المستشري في شؤون البلدان الأخرى، من موريتانيا إلى لبنان، أو العكس. البعض قالوا العلاقة العبثية مع الاتحاد السوفياتي الذي ورّط الدول في السياسة ولم يدعمها في الحل العسكري. طلاب قالوا إن كل شيء بدأ مع خروج مصر إلى كامب ديفيد. إجابات قالت حرب لبنان واجتياح بيروت 1982. إجابة قالت حرب الجزائر ونشر العنف باسم الدين. أخرى قالت تدمير لبنان بقرار أميركي إسرائيلي نفّذه السذج العرب. إحدى الطالبات قالت «ظهور الربيع العربي متأخرا 50 عاما». إجابة تقول بدأ كل شيء مع تدهور التعليم. إجابات عدة قالت يوم أسلم العرب فكرهم إلى مفاهيم باكستان وأفغانستان. ويروي الأستاذ المحاضر أن أبرز تلامذته رفض المشاركة في الاستفتاء قائلا: «لا أعرف متى بدأ الخراب، لكنني أعرف أننا شعوب تمجد مواعيد خرابها».