إن الغذاء سبب أساسي في بناء الجسم، وتجديد نشاطه وقواه، وهو في الوقت نفسه من أسباب ضعفه ومرضه ووهنه، وليس في جسم الإنسان ما هو أضرُّ به من إدخال الطعام، وازدحام المعدة به. فمن الأمور التي ينبغي أن يوليها الحاج عناية خاصة مراعاة الاعتدال في تناول الغذاء أثناء موسم الحج، من غير إفراط ولا تفريط، وهذه القضية كما أنها من أصول التغذية السليمة فهي وصية نبوية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلا، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) أخرجه أحمد والترمذي. وقد حرص القرآن الكريم في كل ما أمر به أو نهى عنه على حماية الإنسان بتوفير سبل وقايته، وتدبير وسائل علاجه في بدنه ونفسه وروحه؛ ولهذا أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بعدم الإسراف في الأكل والشرب بقوله سبحانه: «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (سورة الأعراف:31). وقد أصبحت هذه القاعدة التي تأمرنا بها الآية الشريفة هي الأساس في الطب الوقائي والعلاجي، وما من مرجع من المراجع الطبية إلا ونجد التأكيد فيه على ضرورة أن يحد الإنسان من أكله وشربه؛ إذ الإسراف في تناول الطعام والشراب يجعله فريسة سهلة للأمراض، ولذلك فإني أنصحك أخي الحاج بعدم الإسراف في الأكل والشرب، وأطلب منك أن تتفادى مسببات التسمم الغذائي المتمثل في: الميكروبات وسمومها، المركبات الكيميائية، المعادن الثقيلة، المضادات الحيوية، النباتات السامة، الحيوانات السامة، والطفيليات. احرص أخي الحاج على تناول غذاء صحي خالٍ من هذه الآفات المضرة التي قد تؤثر على أدائك مناسك الحج. تحتاج أخي الحاج في فترة تنقلك بين المناسك إلى غذاء متنوع يسد حاجاته الجسمية من السعرات الحرارية والبروتينات والفيتامينات، وتفصيل ذلك كما يلي: السوائل: الإكثار من شربها، خصوصاً الماء والعصائر؛ لتعويض ما يفقده الجسم من سوائل وعناصر مغذية من الأملاح المعدنية وغيرها. يجب أن يكون شرب الماء والسوائل الأخرى غير الغازية بدرجة كافية لإفراز بول ذي لون خفيف. من أهم فوائد الماء الغذائية تنظيم حرارة الجسم وترطيبه عندما ترتفع درجة حرارة الجوعن حرارة الجسم، كما أنه يساعد على تخليص الجسم من الفضلات، ويقضي على الإمساك والجفاف الذي قد يتعرض له الحاج. يجب الحد من كمية السوائل التي تعطى للمريض في الحالات التي يكون إفراز البول فيها منخفضاً مثل: حالات التهاب الكلى أو فشلها. السعرات الحرارية والبروتينات والفيتامينات: يبذل الحاج جهداً وطاقة مضاعفين وهذا يحتاج إلى زيادة احتياجاته الغذائية خصوصاً مصادر الطاقة بما يعادل 40% زيادة على الاحتياجات العادية، كما يحتاج إلى زيادة المتناول من العناصر المغذية الأخرى وخصوصاً البروتينات والفيتامينات والمعادن بما يعادل 10% من الاحتياجات اليومية، لذلك يجب الإكثار ممايلي: * احرص على تناول الخضراوات والفواكه الطازجة الغنية بفيتامين (ج) وذلك لما فيه من فوائد، فهذا من شأنه تشجيع خلايا الدم البيضاء على مقاومة العدوى، ومنع الشعور بالعبء، ويساعد في سرعة التئام الجروح، ويزيد من امتصاص الحديد، والتي تجنب الفرد الامساك: من الفاكهة (الجوافة، البرتقال، الليمون، الجريب فروت)، ومن الخضروات (الطماطم، القرنبيط، الخضروات الورقية الطازجة). * حاول استبدال الخبز الابيض بالخبز الأسمر (الحب الكامل) للاستفادة من القيمة الغذائية الموجودة فيه. * تناول التمور التي تمدك بالطاقة والفيتامينات والمعادن. *تناول منتجات الألبان والحليب التي تمدك بالطاقة وبالمعادن كالكالسيوم الضروري. *تناول الغذاء بكميات معتدلة وبدون افراط وتجنب تناول الأطعمة صعبة الهضم والدسمة والمحتوية على كمية دهون عاليه لتجنب زيادة الوزن وارهاق الجهاز الهضمي والتثاقل في الحركة اثناء أداء الشعائر. * تناول عسل النحل فهو من الأغذية المفيدة وخاصة انها تقوي المناعة لدى الحاج. * تناول بعض الاعشاب المفيدة مثل الكمون والنعناع المفيدان للتخفيف من آلآم المغص والغازات، والكركديه لمن يعاني من ضغط دم مرتفع، واليانسون والبابونج للقضاء على الأرق والقلق، والقرنفل لتخفيف آلآم الأسنان، والزنجبيل لتخفيف الصداع والزكام. إرشادات غذائية عامة: من الأمور التي يجب مراعاتها اثناء الحج ايضا سلامة الغذاء، فكثير من الحجاج عرضة للتسمم الغذائي، وخصوصا ذلك النوع من التسمم الناجم عن السالمونيلا، الأمر الذي يؤدي إلى التهاب حاد في الأمعاء والقولون، وينطوي على أعراض مثل آلام المعدة والصداع وارتفاع درجة الحرارة والإسهال والقيء. فكي تتجنب الكثير من الأمراض ما عليك الا تطبيق الارشادات التالية: * تناول منتجات الألبان المبسترة وطويلة الأجل؛ حتى لا تصاب بميكروبات البكتيريا العنقودية وسمومها. * لا بد من حفظ منتجات الألبان بعد الفتح وقبله في الثلاجة. * ينبغي التأكد من تاريخ صلاحية المعلبات، وعدم وجود ثقوب أو غازات أو انبعاجات بها، وكذلك يجب التأكد من محتوياتها ورائحتها بعد فتحها، وقبل استعمالها، وإذا أمكن الاستغناء عنها فهو أفضل. * لا تتناول الأطعمة المكشوفة أو المعدة سابقاً ومنذ فترة طويلة (أي أكثر من ساعتين) قبل التأكد من صلاحية أكلها. * يفضل تناول المياه المعدنية أو المياه الجوفية العميقة؛ لأنها تكون خالية من التلوث، أو يُغلى الماء جيداً ثم يترك ليبرد قبل شربه. * يجب غسل الفاكهة والخضراوات جيدا قبل تناولها؛ وذلك لإزالة أي أثر للمبيدات التي قد تعلق بسطحها، وتضر بالصحة. * ابتعد عن السلطات المحضرة من المايونيز او البيض والدجاج والتونا فهي أكثر عرضة للفساد. * ويحبذ تناول الفواكه ذات القشور السميكة مثل: الموز والبرتقال واليوسفي؛ حتى تضمن نظافتها، وعدم تلوثها. * الابتعاد قدر الامكان عن الأطعمة غير المطهية * تأكد من سلامة اللحوم، فهي تفسد بسرعة بالجو الحار * غسل اللحوم قبل طهيها من الأمور المهمة، ومن ثم طهيها طهيا جيداً. * عند استعمال الأدوات المستخدمة لإعداد الطعام كالسكين والأواني والمنضدة يجب غسلها جيداً؛ وذلك للقضاء على جرثوم السالمونيلا الذي قد يوجد به، ويسبب الحمى، والإسهال لمدة يوم أو أكثر. * حاول عدم تناول الأغذية الغريبة أو التي لم يسبق لك أن تناولتها من قبل حتى لا تتسبب بمشاكل صحية. * تجنب تخزين الطعام المطبوخ في حافلات لفترة طويلة عند الانتقال من موقع على الحج إلى آخر. وهذا من الاسباب الرئيسية التسمم الغذائي خلال موسم الحج. * أن تخزين الطعام المطبوخ لأكثر من ساعتين في الغرفة أو الباص مع ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلى تنامي البكتيريا التي تسبب التسمم الغذائي. نصائح لمن يعاني من السمنة أثناء الحج: * يجب تناول الغذاء حسب الحمية المتبعة قبل الذهاب للحج إذا كنت تتبع حمية. * ابتعد عن المأكولات التي تحتوي على كميات عالية من الدهنيات والكربوهيدرات مثل: الحلويات، الكيك. * عند تواجدك في مكان فيه "بوفيه" يجب عدم الافراط في تناول طعام. * عدم الأكل بين الوجبات. * حاول الإكثار من النشاط الحركي، كما أن الحج فرصة لتخفيف الوزن لما فيه من شعائر بحاجة لمشي ونشاط حركي. وللحفاظ على سلامة الحاج بشكل عام ينصح بوضع سوار على المعصم (أو بطاقة المعلومات) فيها الاسم، العمر، والأمراض، والنوع العلاج، وعنوان ومعلومات الاتصال وتذكر أن الحج هو فرصة جيدة جدا للتخلي عن التدخين، فاستغل هذه الفرصة. وختاماً إن التغذية الجيدة ومراعاة سلامة الغذاء اثناء الحج تساعدك على اداء الشعائر بحيوية ونشاط مما يؤدي لتفادي اي مشكلة صحية تعيق الحاج عن اداء مناسك الحج على أكمل وجه. وأنتم تقفون غدا على المشعر الحرام في عرفات أسأل الله لكم حجا مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً ولا تنسى أخي الحاج الدعاء لكاتب هذا المقال.