علي القاسمي تؤكد وزارة الخدمة المدنية أنها لن تقبل استقالة الموظف المبتعث للدراسة في الخارج سواء نجح في دراسته أم فشل إلا بعد أن يؤدي ما عليه من التزام للدولة، وهذا الالتزام ينحصر في واحد من أمرين، فإما أن يدفع التكاليف التي صرفت عليه وإما يخدم مدة تعادل مدة البعثة وفقاً لما تقضي به لوائح ابتعاث الموظفين بخلاف ما إذا ابتعث الموظف للتدريب وفق لائحة التدريب، لأن التدريب جزءاً من واجبات الوظيفة، وسأترك تأكيد الوزارة وأذهب معها لطرح مباشر مشروع نعرف من خلاله بعض الأمراض الإدارية في مؤسساتنا وأجهزتنا الحكومية، وقد نكتشف حقائق لم يكتب لها أن تخرج حتى تاريخه. مفردتا التدريب والابتعاث بالنسبة للموظفين الذين كان قدرهم أن يكونوا تحت مظلة وزارة الخدمة المدنية هما مفردتان مطاطتان بنيت من أجلهما اللوائح التي تسعى بعض الجهات الحكومية المصابة بخلل فكري لئلا يتعرف عليها الموظف الحكومي مطلقاً، ونحن للأسف نحظى بموظفين حكوميين لا يعرفون حتى أبسط حقوقهم الوظيفية، بل حتى تقويمهم الوظيفي السنوي والذي تجيز الأنظمة أن يطلعوا عليه ويناقشوا سلبياته وإيجابياته، تتعامل معه هذه الأجهزة، وكأنه تقرير سري حصري على مسؤول أو جهة استخباراتية تبني عليه استحقاقات وظيفية ما. هناك موظفون حكوميون لا يعرفون التدريب إلا باسمه، ولوزارة الخدمة المدنية أن تتبنى الحماسة ذاتها في تطبيق الأنظمة والالتزام بها متى ما كانت في مصلحتها وتعمد لمعرفة عدد الموظفين الحكوميين الذين لم يشملوا بالتدريب، وهو جزء من أجزاء الوظيفة على حد قول الوزارة، وليت أنها تتحفنا بالأرقام والأسباب التي حرمت الموظفين الحكوميين من هذا الجزء الحيوي في وظائفهم، سيعمد المديرون إلى تقديم أرقام وهمية رغبة في إرضاء الوزارة، وأن كل شيء على ما يرام يا معالي الوزير، وليت أن وزارتنا تتأكد من أن التدريب في بعض المؤسسات والأجهزة حكر على الكبار، بينما على الصغار أن يكبروا حتى يحصلوا عليه، ولكي يكبر الصغار ندخل في حكاية أخرى. أما الابتعاث فهناك وزارات برأسها ينتابها قلق وخوف ورفض علني تجاه ابتعاث موظفيها لكذبة «حاجة العمل لا تستدعي ذلك» نزولا عند المثل الشهير «باب يجيك منه ريح سده واستريح» على رغم أن الباب يفتح إذا كان من «من طرف فلان» ، نريد من وزارة الخدمة المدنية وأطلبها بوجهي ووجه الموظفين الذين ينتمون لها وظيفياً وهيكلياً وإدارياً أن تعلن رقم المبتعثين ووزاراتهم وتوزيعهم الجغرافي، فهناك من الموظفين الحكوميين من سلم بأن حق التدريب عائد لذهنية وعقلية المسؤول الأول في جهازه الصغير، فمتى ما كان المسؤول مؤمناً بحق الموظف في التدريب وسياسة التحفيز أكثر من الاعتداد بـ«أنا والكرسي وما بعدي الطوفان» فإن التدريب سيصافحه وفق الإمكانات والفرص، أما الابتعاث فهل تقنعنا وزارة الخدمة المدنية بانحراف الجملة التالية عن الصدق «الابتعاث لموظف الحكومة حكر على المقربين وذوي النفوذ ومدن المركز التي تحتضن الوزارات، أما الأطراف فأقصى ما يمكن أن يصلها جملتا «للإفادة» و«مع أطيب التحيات».