مهنة جديدة ليست من ضمن المهن المسجلة لدى ديوان الخدمة المدنية أو وزارة العمل، وهي مهنة الرقاة بالأجر المدفوع، يمتهنون قراءة آيات من القرآن الكريم على المرضى أو المتوهمين المرض، ولديهم الجرأة أن يعلنوا أن عملهم هذا بتسعيرة محددة لا تقبل الفصال والجدال!.. أولئك الأدعياء المتاجرون باسم الدين لم يعد يكتفي بعضهم بالاستراحات والبيوت، بل إنهم أصبحوا يتوافدون على المستشفيات يتصيدون زبائنهم. وقد حدَّثني أحد الأصدقاء الذي يرقد أخوه في مستشفى في مدينة الرياض في شبه غيبوبة جراء إصابته بالسرطان، أن أحدهم قابله في أحد ممرات المستشفى وعرض خدماته لقراءة القرآن على أخيه، فشكره على مبادرته، ومكّنه من أخيه ليقرأ عليه، وبعد أن قرأ آيات من القرآن الكريم لبضع دقائق، قام هذا الشخص وبصوت الواثق من علمه ومعرفته، قائلاً: إن أخاك قد أصابته عين!.. ولا بد من الاستمرار في القراءة لمدة شهر لكي يشفى منها!.. قال له صاحبي: جزاك الله خيراً لا بأس يمكنك أن تأتي متى ما أردت وتقرأ عليه.. وهنا حدّق به الراقي بعد أن مسّد لحيته وقال: ولكن الجلسة بثلاثمائة ريال.. وأنا قرأت هذه المرة مجاناً كعينة، أما باقي الجلسات فليست مجاناً، ولا بد من أن تدفع نقداً!!.. مغرية هذه المهنة فهي لا تتطلب جهداً ولا درجة علمية، بل يكفي لحية لا بأس في طولها وجرأة في تسويق نفسه كقارئ ممارس يستطيع تشخيص الحالات ما بين سحر أسود وأبيض أو عين حاسدة، ومن ثم الادعاء بمعالجتها بالقرآن! مسوّقاً لنفسه إما بأن يغشى المستشفيات أو تحت شعار اتصل نصل، كما أُعلن أخيراً في إحدى الصحف الإعلانية بعنوان (تخلّص من العين والحسد والاكتئاب).. وبلغ بأحدهم بأنه يمنح خصماً للقراءة العائلية يصل إلى 30% في حال شملت الرقية عدداً آخر من أفراد العائلة. القراءة بالقرآن شفاء للناس أمر ثابت ولا خلاف عليه، ولكن جعل الرقية مهنة للتربّح لمن هبّ ودبّ، هذه مسألة يجب الوقوف عندها خصوصاً أن بعضهم ينصح المرضى بترك الأدوية!!.. في مقابل أولئك المتاجرين بالرقية نجد هناك الكثيرين ممن وهبوا جزءاً من وقتهم للقراءة مجاناً ممن يطلبهم، لا يبتغون أجراً سوى الدعاء لهم! أين هؤلاء من تجار الرقية ومدّعي التديُّن الذين سجلت ضد بعضهم قضايا تحرش وابتزاز. لقد حانَ الوقت لأن يكون هناك شدة وحزم في مثل هذه الأمور، فمن يريد أن يقرأ فليكن مجاناً لكي لا يستغل الدين في تجارة من ضعاف النفوس ونحن نتفرج وكأن الأمر لا يعنينا.. وما شجع في انتشار هذه المهنة هو جهل البعض أن الإنسان لا يحتاج إلى متخصص يرقيه، فالقرآن للجميع، ويمكن لأي شخص أن يقرأ على نفسه وعلى غيره ويعطي نفس النتيجة - بإذن الله -.