×
محافظة القصيم

شرطة القصيم تطيح بحملة حج وهمية في الرس

صورة الخبر

خلال الأسبوع الماضي احتفل العالم أجمع بمناسبتين مهمتين في ميدان العولمة: الأولى كانت بمناسبة اختراع الشبكة العنكبوتية للإنترنت قبل 25 عاما على يد مهندس الفيزياء البريطاني "تيم بيرنرز لي"، عندما كان باحثاً في مركز "سيرن" لأبحاث المسَّرعات الفيزيائية بمدينة جنيف. والثانية كانت بمناسبة تحقيق مجموعة "علي بابا" الصينية للتجارة الإلكترونية الحد الأعلى لنطاق التسعير لدى طرح أسهمها في بورصة "نيويورك" قبل 10 أيام، لتحقق هذه المجموعة في يوم واحد مكاسب صافية بنحو 22 مليار دولار أميركي في أحد أكبر الطروحات الأولية للأسهم في العالم، مما يضع المجموعة الصينية في مصاف الشركات العملاقة، مثل "فيسبوك" و"غوغل"، من حيث نطاق النشاط وفرص النمو والربحية. تأسست مجموعة "علي بابا" في مقاطعة "هنغتشو" الصينية عام 1995 على يد شاب صيني طموح يدعى "جاك ما"، الذي أظهر في مقتبل عمره رغبة جامحة في تعلم اللغة الإنجليزية، مما جعله يتنقل كل صباح على دراجته القديمة بين فنادق المقاطعة للعمل دون مقابل مرشداً للنزلاء الأجانب لاكتساب اللغة الإنجليزية. وفي عام 1988 حصل "جاك ما" على البكالوريوس من قسم اللغات في جامعة "هنغتشو"، ليعمل فيما بعد محاضراً فيها، إلى جانب تأسيسه لموقع شركة "الصحف الصينية الصفراء"، التي أصبحت في عام 1998 من أفضل المواقع الرائدة على الإنترنت في الصين. وفي عام 1999 أنشأ "جاك ما" موقع "علي بابا دوت كوم"، الذي أصبح اليوم أكبر موقع للتجارة الإلكترونية في المعمورة وأكثرها ريادة على مستوى العالم، حيث فاق عدد منتجاتها أكثر من مليار منتج، بينما ارتفعت قيمة مبيعاتها السنوية إلى 250 مليار دولار أميركي، لتخدم نحو 80 مليون مستهلك في أكثر من 240 بلداً وإقليماً حول العالم من خلال 22 ألف موظف. بين ليلة وضحاها أصبح نجاح العملاق الصيني "علي بابا" الخبر الاقتصادي الأول على مستوى القرية الكونية، خاصة بعد تربعه على عرش التجارة الإلكترونية بدلاً من منافستيه الأميركيتين "أمازون دوت كوم" و"إيباي دوت كوم"، اللتين سيطرتا سابقاً على نشاط التجارة عبر الإنترنت. فبعد أن حققت مجموعة "علي بابا" قبل 10 أيام أكبر طرح للأسهم الأولية في بورصة "نيويورك"، وقفزت قيمتها إلى أكثر من 40% في أولى جلسات تداولها؛ جرى خلالها تداول أكثر من 100 مليون سهم في غضون 10 دقائق من بدء الجلسة، وارتفع حجم طرحها الأولي إلى 25 مليار دولار، ليصبح الأكبر في تاريخ الطروحات الأولية، وتتفوق بذلك على كافة الشركات العالمية المدرجة في البورصة الأميركية. واليوم تحققت أحلام "جاك ما" في التجارة الإلكترونية بعد 15 عاماً من الكفاح والمثابرة. فمنذ ولادته في عام 1964 من أسرة فقيرة، أصر الطفل الصيني الفقير "جاك ما" على الدخول في ميدان العولمة، التي أكسبته عالمية الفكر والمعرفة وغيرت مجرى حياته، علماً أن راتبه كان لا يتجاوز 15 دولار شهرياً عندما بدأ عمله محاضراً في الجامعة. ولكن حلم "جاك ما" وطموحاته لتأسيس وامتلاك شركته الخاصة للتجارة الإلكترونية؛ فتحا أمامه أبواب كنوز التنين الصيني المخفية من خلال رؤيته العالمية، ليؤسس أكبر سوق إلكتروني في العالم. اليوم تؤكد مجموعة "علي بابا" الصينية أن التنين الشيوعي أحسن إدارة دفة العولمة لصالحه، فخرج من سياسة العزلة والفقر والاتكالية إلى مصاف دول العالم الأول المتقدمة بإنجازاته التنموية المتسارعة ونجاح سياساته الاقتصادية، وأصبح أكبر منافس لأميركا الرأسمالية. أبدعت الصين في مواجهة تحديات العولمة، فجعلت من اقتصادها أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية، وأفضل تركيزاً على الصناعة والبحث العلمي والإبداع التقني، من خلال إصلاح هيكلة قطاعاتها الإنتاجية وتنفيذ برامجها اللامركزية. خلال عقد من الزمن زادت تجارة الصين العالمية 400% لتصبح قيمتها أكثر من 3 تريليونات دولار في عام 2013، بينما ارتفع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أسواقها 550% لتصل قيمتها إلى 2 تريليون دولار في العام الماضي. اليوم تحتل "بكين" و"شنغهاي" المركز الثالث والرابع عالمياً ضمن الأكثر جاذبية للعيش والاستثمار، بينما تحتل "هونغ كونغ" المرتبة الخامسة بوجود أكثر من 5000 مستثمر أجنبي، يملكون 160 مليار دولار من الاستثمارات. كما حقق مطار "هونغ كونغ" المرتبة الرابعة عالمياً كأفضل مطار وجاء مطار "بكين" في المركز الخامس. استغلت مجموعة "علي بابا" تضاعف حجم التعاملات الإلكترونية العالمية في العقد الماضي من 4 إلى 14 تريليون دولار، فحققت 45% من صفقاتها في آسيا و23% في أميركا و15% في أوروبا و4% في أفريقيا و13% في بقية دول العالم. كما استحوذت مجموعة "علي بابا" على 34% من حجم التجارة الإلكترونية في الصين، لتنمو مبيعاتها بشكل متسارع، فاق خلال العقد الماضي نسبة 600% في منطقة آسيا و520% في أميركا و340% في أوروبا و170% في جنوب شرق آسيا و80% في دول الشرق الأوسط. في الوقت الذي اكتسبت خلاله مجموعة "علي بابا" الصينية موقعها المميز في صدارة الاقتصاد المعرفي، واستطاعت أن تغزو العالم بتجارتها الإلكترونية، لتصول وتجول عبر حدود الشبكة العنكبوتية، يبقى عالمنا العربي مرهوناً بالفجوة الرقمية العميقة، التي لا تقل عمقاً عن هفواته السياسية المؤلمة، نتيجة إخفاقه في تنويع مصادر دخله وابتعاده عن تحقيق أهدافه، ليطول انتظارنا لمجموعة "علي بابا" العربية، ونفقد مرة أخرى مكانتنا في ميدان العولمة الاقتصادية.