على أهمية حزام الأمان فإن الكثير من الناس يتهاونون به، وهذا من أخطر الأشياء التي يمكن للسائق أو الراكب أن يفعلها؛ فالمرء غالباً يغترّ بكثرة المرات التي يقود فيها السيارة ولا يحصل له حادث، فيكون تفكيره: احتمال الحادث ضئيل بشكل عام، وأنا شخص حذر في القيادة؛ لذلك احتمال الحادث معدوم إن شاء الله. ولا يدري من يفكر بهذه الطريقة أن هذا ليس نوعاً من التفاؤل المحمود بل هذا يسمى التفاؤل المفرط أو التفاؤل المغلوط، وهو نوع من المغالطات التفكيرية. وفي هذا الخطأ التفكيري يكون المرء متفائلاً بشكلٍ مبالغ فيه، يتعدى حدود الواقع. ومن أمثلة هذا أن يبدأ أحدهم التدخين ظاناً أن غيره من الناس هم الذين يصابون بسرطان الرئة لكن هو سيَسلَم! أو أن يظن شخص في مدينة كبيرة أنه في مأمن تام من الجرائم التي يسمع ويقرأ عنها؛ لأنها تحصل لغيره من الناس أما هو فلم تحصل له من قبل، وعلى الأرجح لن تحصل له، كما يظن. وكما ذكرتُ في البداية، فإن من أوجه هذا التفاؤل المفرط هو أن يفكر الشخص قائلاً: إن حوادث السيارات تحصل لغيري، لكن أنا في أمان! صاحب التفاؤل المفرط لا يفكر صراحة بهذا الأمر، ولا يقول تلك العبارات، وإنما هو شعور في داخله.. شعور بالتفاؤل أنه آمن، وأن الإطار لن ينفجر فجأة، أو يحصل عطل في السيارة، أو يرتطم به مراهق، أو أن يخرج له فجأة من شارع جانبي شخص متهور.. (إلخ). وهي أشياء تحصل لكل الناس. تعريف التفاؤل المفرط - وقد دُرِسَ علمياً - هو أنه الاعتقاد الباطل بأن احتمالات حصول الأحداث السلبية للشخص أقل بكثير له وأكثر بكثير لغيره من الناس. وغني عن القول أن هذا الاعتقاد قد قتل ولا يزال يقتل الكثير من الناس حول العالم كما في الأمثلة المذكورة بالأعلى، لكن هذا الاعتقاد شائع جداً لدى السائقين في بلدنا؛ فلا يزال الكثير من الناس يرفض ربط حزام الأمان، ويتذرع بأنه مزعج، وأنه غير ضروري. ولا أدري ماذا يظن هذا الشخص؟ فهل يعتقد أنه سيعلم عن حصول حادث لسيارته قبلها بساعات فيربط الحزام ليكون جاهزاً؟ إن الحوادث تحصل في أجزاء من الثانية، وحينها لن يكون هناك وقت لربط الحزام، فإما أن تربطه وتنجو من الموت ومن إصابات خطيرة - بإذن الله - وإما أن لا تكون قد ربطته، حينها فإن ارتطام الرأس بالمقود أو بالزجاج كارثة، فإما أن يموت الشخص فوراً، وإما أن تتحطم بعض أجزاء جمجمته ورقبته فيصبح مشلولاً أو أعمى أو معاقاً بشكل من الأشكال. لا تفرط في التفاؤل بأن تهمل حزام الأمان. يمكن أن تقود سيارتك كثيراً، وتذهب في آلاف «المشاوير»، ولا يحصل لك شيء، ولا تتغير حياتك، لكن لو حصل لك حادث قوي واحد فقط فستتغير حياتك للأبد. هذا لو عشت. دع التفاؤل الواهم الزائف.. اربط حزام الأمان دائماً.