حين رأيت الازدحام الشديد وغير المسبوق أمام البوابات؛ حيث كان يتم بيع جهاز آيفون 6، اندهشت حقا، وحين وصلتني رسالة "واتساب" تظهر حالة المتلهفين على شراء هذا الجهاز أمام فروع مكتبة جرير في الخبر وجدة تحول الاندهاش إلى نوع من خيبة الأمل ..! - التزاحم الشديد والتدافع بطريقة غير حضارية وعدم الالتزام بطابور منظم يدل على إخفاق كبير في مخرجات التربية سواء كانت تربية أسرية أو منظمة من خلال مؤسسات الدولة مما يدل على الفشل في غرس مفاهيم النظام واحترام حق الآخر في الانتظار حسب أولوية حضوره أولا، وبالتالي فالأمر كان يتمحور حول "الفهلوة" في كيفية الحصول على هذا الجهاز بغض النظر عن أي مفهوم آخر، وهذا مؤشر خطير يدعونا إلى التوقف أمامه طويلا! - سُئل أحد الحكماء: ممّن تعلمت الحكمة؟ قال: من الرجل الضرير، لأنه لا يضع قدمه على الأرض إلا بعد أن يختبر الطريق بعصاه، وما رأيناه في تلك الجموع كان اندفاعا عميقا ومن منطلق عاطفي لم يكن يحكمه عقل ولا رؤية سديدة، وذلك نتيجة تأثر هؤلاء الشباب بالدعاية المهولة من قبل شركة أبل عن ذلك الجهاز الجديد، وهذا مؤشر خطير يدل على أن "بعض" شبابنا ينساقون خلف اندفاعهم الكبير، يجعلهم يتأثرون عاطفيا ببعض الدعايات دون أن يجهدوا عقولهم في خطوات التفكير العلمي الصحيح الذي يقود إلى الحقائق لا إلى النتائج المحتملة، و"عيالنا" هؤلاء هم الذين يترصد لهم الإرهاب "فيفخخ" أجسادهم الغضة وهو "يدغدغ" مشاعرهم بالحور العين، ومن يكتب الله لهم النجاة فسيدركون الحقيقة الكاملة، كما أدركها هؤلاء المندفعون حين خاب أملهم في "آيفون 6" ..! - العالم الافتراضي المثالي اللامحدود الذي يعيشه الشاب بعيدا عن واقعه الحقيقي، يدفعه نحو امتلاك أي جهاز حديث يتمتع بمميزات عالية وخصائص جديدة تضيف الكثير لعالمه الافتراضي الذي يعج بالأسرار وانعكاسات المشاعر، حيث يعيش الحياة بطولها وعرضها بين ثنايا هذا الجهاز .. وهذا أيضا مؤشر خطير يدل على الانسحاب التدريجي من الحياة الاجتماعية الحقيقية، والانغلاق على الذات بعيدا عن العلاقات الأسرية الدافئة، حيث غالبا سيتصف بالسلبية التامة، والتضجر من الأعباء العائلية والمسؤوليات المجتمعية؛ لأنها تحول بينه وبين الانغماس التام في عالمه الافتراضي الذي يمتزج به الخيال بالمثالية والرومانسية في صورة مزيفة هشة ..!