اتخذتْ وزارة الصحة كافة التدابير اللازمة للاحتياط من تسلل فيروسي كورونا وإيبولا إلى صفوف حجاج بيت الله الحرام، وذلك عبر سلسلة طويلة من الاجراءات والخطط الوقائية والمخبرية للحيلولة دون تغلغلهما بين ضيوف الرحمن لا قدّر الله، وقد بذلتْ في هذا الصدد الكثير من الجهد، وهيأت كل ما يلزم من الأجهزة والأدوات والمستلزمات الطبية اللازمة للكشف عن أي حالة ومحاصرتها بالعزل ومباشرة العلاج، وقد كان للجانب الوقائي دور واضح في خطط وبرامج الوزارة التي جندت كل طاقاتها لتوعية الحجاج بهذه الأمراض الوبائية، وكيفية انتقال العدوى بها، والمصادر المحتملة لعملية انتقالها، فضلا عن تأمين أرقى المراكز المتخصصة لمواجهة الأوبئة والتعامل معها بما يؤمن الحماية لحجاج بيت الله الحرام. وقد عقدت لجنة الاشراف الفني في المستشفيات في مختلف المشاعر المقدسة برنامجا تدريبيا متطورا، استهدف توعية الأطباء والعاملين في القطاع الصحي بالأمراض الشائعة، وخاصة مرضي كورونا وايبولا، حيث استمر البرنامج على مدى ثلاثة أيام، وحضره أكثر من 800 طبيب وممارس صحي من مختلف المستشفيات، حيث اشتمل البرنامج على 8 دورات، استغرقت كل دورة حوالي 19 ساعة بما مجموعه 152 ساعة. من جانب آخر استعدت الوزارة ومن خلال مراكز المراقبة الصحية في مطار الملك عبدالعزيز بجدة عبر تجهيزها بالكاميرات للمراقبة الحرارية التي تعمل على رصد أعراض ارتفاع الحرارة على أي حاج، وهي أولى أعراض الإصابة بتلك الأمراض الفيروسية للتعامل معها قبل أن تصل إلى المشاعر وتختلط بالمجاميع، وقد كشفت التقارير الواردة من تلك المراكز حتى الآن أنه لم يتم رصد أي حالة لمرضي ايبولا أو كورونا في صفوف الحجاج القادمين لأداء المناسك بفضل الله تعالى، إلا أنه ورغم كل ما جهزته الدولة من الامكانيات الطبية والإسعافية، فإنه يبقى على الحاج نفسه أن يكون ملما ولو بالحد الأدنى من الثقافة الصحية التي تحميه وتقيه من التعرض لمثل تلك المشكلات الصحية، وهي قطعا مسؤولية السلطات الصحية في بلدان العالم المختلفة التي يأتي منها الحجاج، قبل أن تكون مسؤولية وزارة الصحة السعودية، وذلك بالتدقيق في إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من خلو حجاجها من حمل تلك الفيروسات أو أي فيروس لأي مرض معد، غير أن تفاوت التزام تلك الدول، وكذلك تفاوت امكانياتها الصحية، غالبا ما يُفضي إلى شيء من التهاون، مما يحمل السلطات الصحية السعودية عبئا أكبر في تأمين الكشف الدقيق، والملاحقة الكشفية لأي حالة اشتباه، انطلاقا من مسؤوليتها عن صحة الحجيج، وسلامة كافة الحجاج من العدوى، حيث تنفق حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله الموازنات الضخمة كل عام على برامج الصحة في الحج، إلى جانب الاستمرار في بناء المزيد من المستشفيات التخصصية في محيط المشاعر المقدسة، وتجهيزها بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية، وتزويدها بأفضل الخبرات والكفاءات الطبية، كل ذلك في سبيل ترجمة معنى خدمة الحرمين الشريفين، وهي المهمة التي اضطلعت بها المملكة ابتداء من رأس هرم السلطة فيها، والذي يتشرف بحمل مسمى خادم الحرمين الشريفين، لصيانة صحة هذه الحشود الضخمة التي تلتئم كل عام في موقع واحد، وفي جغرافيا ضيقة ومحدودة المساحة، ولعل ما يطمئن الجميع لنجاح خطط الوزارة هو تلك الخبرات التراكمية التي اكتسبتها كافة الجهات العاملة في مجال خدمة الحجيج على مدار الأعوام الطويلة، والتي أثبتت بفضل الله طول باعها، وقدراتها في التعامل مع الواقع الصحي للحج بمنتهى الجدارة والكفاءة.. مع كل الأمنيات لهذه الجهود الخيرة التي تبذل على أعلى المستويات بالنجاح والتوفيق، نسأل المولى عز وعلا أن يحمي كافة ضيوف بيته العتيق من أي أذى.