بعد سنوات من تجربة إجازة اليوم الوطني، تتكرر بعض الممارسات السلبية بشكل سنوي، وكأن بعضهم فهم أن هذه الإجازة إجازة من كل شيء، ما يوجب علينا توجيه التفكير في اتجاه مختلف، لنقد التجربة وتقييمها وتقويمها. وطالما أننا في طور التجربة والبحث عن السبل التي تحقق أفضل النتائج المرجوة من مناسبة كهذه، فلماذا لا نجرب إلغاء الإجازة ونجعل اليوم الوطني يوم عمل مختلف، تمارس فيه كل مؤسسة عملها وأنشطتها المعتادة ولكن في إطار احتفائي وطني، يرتبط بالمناسبة بشكل مباشر. هذه الاحتفائيات يمكن تضمينها كل الرسائل والقيم الوطنية التي نسعى لها اليوم عبر إجازة اليوم الوطني، دون أن نلمس لها الأثر المنشود، لأن بعضنا متفرجون لعدم وجود الإطار التعبيري الذي يناسبهم، وبعضنا يحتفي على طريقته الخاصة، التي قد تسيء بحسن نية إلى المناسبة. تفعيل المناسبة عملياً من خلال المؤسسات، سيوجد الأطر المؤسسية التي تحتوي الجميع، وسيدفع المتفرجين إلى المشاركة، وسيهذب الاجتهادات الاحتفائية الفردية السلبية، ما سينتج في نهاية الأمر عملاً احتفائياً يليق بالوطن. الحب بمعناه الكبير يبقى مشاعر معنوية شخصية، لكن ترجمته إلى عمل وإنجاز على أرض الواقع، أفضل وسيلة لتقويته، لأنه يفعّل الشراكة مع طرف الحب الآخر، ويحوّلها إلى علاقة تبادلية، ذات أبعاد قيمية وأخلاقية بالغة السمو والتأثير، وفي النهاية ستفوق النتائج توقعات كل الأطراف. ثقافة العمل المؤسساتي متأخرة بشكل كبير عن مواكبة الزمن، لكن مهما كانت الأسباب والمبررات، إلا أن الوطن في يومه المجيد يستحق أن نقفز على كل ما يعترض مؤسسة العمل ولو ليوم واحد فقط، فلربما انتقلت العدوى لباقي أيام السنة، وبهذا يصير احتفاؤنا بالوطن، واحتفاء الوطن بنا دائماً.