أحب أن أتحدث عن بعض أفضال ومنافع الحج الركن المتمم لأركان الإسلام الخمسة لمن استطاع إليها سبيلا، مؤكد الجميع يعرفها، فقط للتذكير . والتعبير القرآني أعم وأشمل: يقول تبارك وتعالى: «وأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)». وفي حديث رسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» و «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة» و «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وهو أيضاً مؤتمر إسلامي كبير يجمع المسلمين من جميع أرجاء الأرض المعمورة، هذا التجمع العظيم تتعانق فيه الأرواح المسلمة وتتلاقى القلوب الملبية الطاهرة في جو مفعم بروح الإيمان بروح الأخوة والتلاحم والإيثار الفريد الذي يربي في النفوس كل المعاني الدينية والاجتماعية التربوية، ففيه ترى التعاون والمواساة وحنو الغني على الفقير ورحمة القوي بالضعيف والكبير بالصغير والتجرد الكامل من المظاهر الدنيوية على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وألوانهم، يجددون الأخوة الإسلامية والروابط على مستوى العالم، وتتوحد فيه الأهداف والتوجهات وكلها إذعان وعبودية لله سبحانه وتعالى وولاء لدينه وشريعته جلّ وعلا ولرسوله عليه أفضل الصلاة والسلام . الجميع متساوون في الحقوق والواجبات، فلا فوارق ولا طبقات، المشاعر واحدة والمناسك واحدة والعبادة واحدة فلا تميز عرقي ولا ثقافي ولا إقليمي ولا طبقي حاسري الرؤوس لا يتميز أحد عن غيره بثوب ولا بموقف ولا تقديم ولا تأخير، الكل في صعيد واحد متجهين إلى الله عز وجل بكل ذل وفقر وحاجة وقد خلعوا عنهم الأوسمة وتخلوا عن المناصب فتذوب كل الفوارق إجلالاًً وتعظيماً وشكراً لله على توفيقه وكرمه لإكمال هذا الركن. مؤتمر تتجسد فيه القيم الإنسانية ويتجسد فيه مبدأ المساواة الإنساني فلا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض ولا أسود إلاّ بالتقوى المغروسة في القلوب المعظمة شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب .. « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ». تعميق الوحدة بين المسلمين، فموسم الحج لقاء سنوي فرصة ذهبية لمعرفة هموم إخوة الإسلام ومشاكلهم وقضاياهم خاصة ونحن نعيش في زمن البركان وجحيمه في زمن اختلت فيه الموازين وتشتت فيه الأفكار واختلفت فيه الأهواء والغايات وتناقضت الأهداف، والأمثلة ما يجري في بعض الدول العربية الشقيقة من الفوضى والانقسامات والقتل وسفك الدماء، زمن يتفجر بقنابل بشرية، أنفس حرم الله قتلها إلاٌ بالحق فمتى يستقر ويهدأ؟!! .. أتمنى من الله سبحانه وتعالى في مؤتمر حج هذا العام أن يوفق الله المسلمين لما فيه خير للإسلام والمسلمين وأن تُحل قضاياهم ومشاكلهم وأن تتحقق آمالهم وطموحاتهم وأن يجعل الله حاضرهم ومستقبلهم أكثر سلماً وسلاماً وهدوءاً واستقراراً.