ما زلت أذكر أبيات رددتها على المسرح عندما كنت تلميذا في «مدرسة قصر النيل الخاصة» في حي الدقي بالقاهرة، وأظنني كنت في السنة الخامسة ابتدائي آنذاك. كنت أقوم بدور ابن لامرأة فوجئت بابنها ينتوي الخروج من البيت، فتخاطبه قائلة: «سايبني م الصبح ورايح فين يا بني»؟، فأرد عليها قائلاً: أنا يا أمي مش ابنك أنا أمي مصر وأبويا النيل رايح أدافع عن بلدك أحسن ما عيش العمر ذليل الإنجليز عملوا عمايل ولا وحوش الجبلاية رصاص ينضرب وقنابل وناس كتير راحوا ضحايا وهذا ما أتذكره من الأبيات.. علماً أن المشرف الاجتماعي ورئيس النشاط الفني في المدرسة آنذاك، ومخرج المسرحية الشعرية التي كنت بطلها كان هو الفنان (سيد الملاح) رحمه الله. ***** كانوا يدرسوننا في المدرسة مادة «التربية الوطنية»، كما كان هناك في نفس الوقت مادة «التربية الإسلامية» يحضرها التلاميذ المسيحيون لكنّهم معفيون من الاختبار النهائي في المادة. وكنا ندرس أيضا في المرحلة الثانوية مادة «الميثاق الوطني» الذي أصدره الرئيس جمال عبدالناصر في مايو 1962، وكان «خريطة طريق» لمصر في مرحلة الستينيات، رسم صورة للمجتمع الجديد وحدد الطريق للوصول إليه والقيم والمفاهيم التي يجري العمل على أساسها من أجل بلوغ الأهداف التي كان في مقدمتها قضايا الحرية والاشتراكية والوحدة، كما يحدد أدوار القوى الشعبية في خدمة تلك القضايا. ***** كان الطلاب يرددون السلام الوطني المصري في فناء المدرسة ويحيون العلم قبل الدخول إلى الفصول. وكنت أردد معهم، كما كنت أعمد أحيانا إلى تغيير التحية إلى «تحيا المملكة العربية السعودية» بين ضحك زملائي المصريين وخوفي من تنبه مدير المدرسة الذي كان يقف أمامنا تحت العلم يردد الهتاف. وقد حفظت السلام المصري القديم «والله زمان يا سلاحي»، كما حفظت فيما بعد السلام الوطني اللبناني «كلنا للوطن» عندما درست في لبنان بين عامي 1956 وحتى 1958، في مدرسة في مدينة طرابلس اسمها «كلية التربية والتعليم الإسلامية».. ***** سنوات زرعت في شخصي الانتماء العروبي، لكنها لم تزحزح انتمائي الأصيل إلى وطني. وقد جذبني النشاط الثقافي والمسرحي والرياضي بجامعة الرياض (الملك سعود) عندما التحقت بكلية التجارة التي كان طلابها يقدمون مسرحية وطنية كل عام تتناول قضايا الأمة العربية خاصة القضية الفلسطينية، واعتلى المسرح الجامعي آنذاك بعض من كبار مثقفينا اليوم. وكان التنافس بين الكليات في كرة القدم التي كنت أجيدها وكنت لاعباً في فريق الكلية، جزءا أصيلاً من النشاط الجامعي. وهي نشاطات ألغيت فيما بعد فتفرغ الطلاب إلى نشاطات سلبت منهم ملكة التفكير واللياقة الجسمانية لينساق بعضهم وراء ما أسماه سمو وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل بـ»المنهج الخفي»!! ***** وهي فرصة هنا لمخاطبة سمو وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي بضرورة عودة النشاطات الاجتماعية والفنية والرياضية إلى رحاب المدارس والجامعات. فهناك ضرورة لإعادة النظر في آلية عمل الأنشطة الطلابية وتقنيتها بما يضمن سلامة توجهاتها، وهي توصية جاءت في نهاية فعاليات جائزة أبها التي رعاها خالد الفيصل عندما كان أميراً لمنطقة عسير في شهر جمادى الأولى 1425، وكانت من ضمن توصياتها إدانة محاولة التشويش على النشء في قضية المواطنة وضرورة الابتعاد عن التطرف في الأفكار. * نافذة صغيرة: («اللي في يده القلم، ما يكتب على نفسه الشقا».. وخالد الفيصل في يده اليوم أن ينقذ التعليم من يد من اختطفوه، وأشقوا البلاد والعباد).. عبدالعزيز الصويغ. nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain