×
محافظة حائل

مساران لجائزة حائل لمسابقات القرآن الكريم

صورة الخبر

سامي الماجد لا يمكن أنْ تُرى المواطنة عملاً إيجابياً مُعاشاً في الواقع ما لم تكن قبل ذلك شعوراً داخلياً ينبُت داخل النفس، ويتفيأ حنايا القلوب، ولكن من أين لنا أن نستنبت هذا الشعور في قلوب شباب الوطن؟ الشعور بالمواطنة لا ينبُت من تلقاء نفسه، كما لا يمكن أن تُغرس المواطنة في قلوب الصغار بأسلوب التلقين، والمواطنةُ أعمق من أن تكون مجرد أناشيد محفوظة نتغنّى بها، أو ثناء ومديحاً نتملق به شعراً ونثراً إنها إحساس بالانتماء، وشعورٌ بالمسؤولية، وعمل على حفظ المكتسبات والمقدرات. الوطنية تتطلَّب قناعةً بالمنتمى إليه وحبَّاً له، ولكن الرغبة والقناعة لا يتولَّدان من التلقين ووصاية الأوامر. إن الإحساس بالمواطنة يتغذّى من صور نابضة بالحياة، وواقع ماثل محسوس، وليس من نظريات مجردة، وخطابات جوفاء باهتة! فالقدوة الصالحة التي يتمثّل فيها الأنموذج الصادق للمواطنة هي أكثرُ ما يحفِّز المجتمع للمواطنة الحقة. القدوة الصالحة ليست أنموذجاً يقدَّم للصغار فحسب، والناس لا يكادون ينساقون لفضيلة إلا بعد أن يكون لهم فيها مثال سابق يُحتذى. للمواطنة صورها الشريفة الصادقة التي لا تختلط بصورها الزائفة الكاذبة إلا في أعين عبّاد النفعية الذين يمارسون التزييف والنفاق. النزيه الورِع الذي لم تتدنس يدُه بالرشوة والاختلاس هو أنموذج صادقٌ أتم الصدق للمواطنة الصحيحة. والمحتسب الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر باللين والرفق والحكمة، ويفضح الفساد والمفسدين هو أيضاً أنموذج صادق للمواطنة. والمسؤول الذي وظَّف كفاءاته ومهاراتِه في تيسير حاجات الناس والتنمية والتطوير هو أنموذج صادق للمواطنة..إلخ. النماذج الصادقة للمواطنة كثيرة تتعدد بتعدد الأعمال الجليلة التي تدعم الوحدة وتحفظ فضائلَه وثرواته ومقدراته. حين يرى الناس أنفسهم سواسية في استحقاق الحقوق وأداء الواجب فسيتعافون كثيراً مما يقوض المواطنة الحقة ويعيقها. وهنا ملحظ ينبغي أن يُبرز، وهو أن الحقوق ثابتة بالولادة لكل مواطن، فلا يحتاج لأن يستجديها، ويستعطف لأخذها، وحين ينالها فلا يجوز أن تُحسب عليه هبة تمنّ بها الدولة عليه، ولا يمكن أن يسارع المواطن بأداء ما عليه من الواجب لوطنه إذا كان لا يجني من أداء الواجب استيفاء الحق الذي له، فحتى تأخذ لا بد من أن تعطي، وحتى ترضى لا بد من أن تُرضي، فنجاح العلاقة مبنيةٌ على تبادل المنافع. إن كثرة الوعظ في الوطنية سيكون مجرد ثرثرة مستهلكة ما لم نكن قدوة لغيرنا نزاهةً وأمانةً وإخلاصاً الوطن أحوج إلى مواطن فعّال منه إلى مواطن قوّال.