لا أعتقد أن أحدا من المسؤولين التنفيذيين الكبار كالوزراء والمديرين ومن في حكمهم من الذين أوكلت لهم الدولة مصالح الوطن والمواطنين سار في أحد الشوارع أو شاهد عيانا ما حدث فيها مساء الثلاثاء من احتفاليات صاخبة وحميمة وصادقة بمناسبة اليوم الوطني. البسطاء من المواطنين هم الذين لا يملكون وسيلة للتعبير عن حبهم وانتمائهم وولائهم لوطنهم غير تلك المظاهر التي حولت الميادين والشوارع والساحات إلى مهرجان حب وفرح، وأنتم أيها المسؤولون عنهم وعن خدماتهم واحتياجاتهم وحقوقهم ليس مطلوبا منكم أن تفعلوا مثلهم للتعبير عن حبكم للوطن، ولكن هناك طرق وأساليب أخرى قد تكون أكثر تعبيرا عن الإخلاص والحب للوطن في هذه المناسبة. لو أردتم الاحتفال والاحتفاء بالوطن فإن هذا اليوم هو مناسبة خاصة ومهمة لإعادة التفكير في كثير من الأمور التي تتولون مسؤوليتها، في كيفية إدارتها وإنجازها ونتائجها. هذا اليوم يجب أن يذكركم وأنتم تشاهدون هؤلاء الطيبين المحبين لوطنهم أنه بإمكانكم أن تقدموا الأكثر والأفضل في أوقات قياسية بفضل ما توفر لكم من ميزانيات هائلة ودعم إضافي استثنائي إذا احتجتم له دون تردد من ملك الشعب الذي لم يبخل عليه بشيء. إن الشعب يريد منكم أن تحتفلوا باليوم الوطني من خلال مراجعة دقيقة وأمينة وشفافة مع النفس لتقييم ما تنفذونه من المسؤوليات والواجبات المناطة بكم. يريد منكم أن تمسحوا من ذاكرته مفردة «التعثر» التي أصبحت ملازمة لكثير من المشاريع دون سبب يقبله العقل، يريد منكم رؤية مشاريع في اعلى مستويات الجودة لأنه لا يمكن أن يقبل غير ذلك طالما توفرت لكم كل الأسباب التي تجعلها كذلك. يريد منكم أن تحترموا عقله وإدراكه فلا تتكرر بعض التصريحات المجانية التي يناقضها الواقع الذي يشاهده الإنسان بعينه المجردة. لقد أصبحت تصريحات بعضكم مؤذية لشعور المواطنة وأمانة المسؤولية فكفوا عنها أصلحكم الله. إن الوطن في النهاية ـ أيها المسؤولون ـ منجزات يتجلى فيها الإتقان والحرص والتفاني في العمل وليس تصريحات وتقارير مناسباتية خضعت لمحترفي التجميل والزخرفة. في يوم الوطن مسؤوليتكم أكبر أيها السادة، فكونوا عند حسن ظنه بكم.