خَطَراتٌ تَتْرَى في ندوة الحج الكبرى أ. حسن محمد شعيب إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل منذُ العام 1423هـ ارتبطتْ اهتماماتي البحثيّة – لأجل دراستي للماجستير - بحضور ندوةِ الحج الكبرى التي تنظّمها وتقيمُها وزارةُ الحج كل عام مطلَع شهر ذي الحجة لمدّة ثلاثةِ أيام ، تُعقد جلساتُها متتاليةً يومياً من الصباحِ حتى المساء في ثلاثِ فتراتٍ يعرضُ فيها المشاركون مُلخّصاتِ بحُوثهم التي شارَكوا بها تحتَ موضوعٍ محدّدٍ ومُقترَحٍ لكلّ عام ، والأجملُ كانَ طباعةُ تلكَ البُحوث في كتابٍ يُوزّع على الحُضور في ندوةِ العامِ التالي . وعودةً بالتاريخِ للوَرَاء بدَأتْ ندواتُ الحَج تُعقد قديماً منذ عام 1390هـ ، وكان انعقادُها بطريقةٍ غيْرِ مُبرمجة مُسبقاً تقومُ على استضافةِ العُلماء في الحج وإتاحةِ الفُرصة لهُم للوَعظِ والإرْشاد في مُناسبةِ الحج ، وبعدَ سبْعِ سنواتٍ على الانطلاقة أخذتْ الندوةُ طابعَ التنظيم بإعدادٍ سابقٍ وموضوعٍ مُحدد يُستكتب له علماءُ ومفكرُو العالمِ الإسلامي كلّ عام . ولو استعرضْنا موضوعاتِ ندوةِ الحجّ الكُبْرى منذُ انتظامِها عام 1397هـ وجدناها 38 ندوةً آخرَها سيُعقد – بمشيئةِ اللهِ - هذا العام 1435هـ تحتَ موضوع تعظيم شعائرِ الحج مع استثناء العام 1416هـ الذي لم تنعقدْ فيهِ أيّ ندوة ! وتدورُ معظمُ محاورِ تلك الندوات – من خلال تعدّد موضوعاتِها لأربعةِ عُقود تقريباً – حول فقْهِ الحج وآدابِ المَناسِك وارتباطِ الحج بحياةِ وقيَم وثقافةِ الأمَة وانعكاسِ ذلك على السياسةِ والاقتصادِ والفِكرِ واللغةِ والأدبِ والأخلاقِ ، ولعلّ أهمّ تلكَ الندوات مُوَاكبَةً الندوة الاحتفائية بمناسبةِ اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية والتي عُقدتْ لمدةِ ثلاثِ سنواتٍ مُتتالية تحتَ نفْسِ العُنوان حتى العام 1425هـ . ويمكنُ استعْراضَ موضوعات ندوةِ الحج الكُبْرى المُتعدّدة والمُتنوّعة خلال 37 عاماً سبقتْ كالتالي : 1)ندوة العام 1397هـ : التوعية في الحج . 2)ندوة العام 1398هـ : الحج والتضامن الإسلامي . 3)ندوة العام 1399هـ : القدْس والمسجد الأقصى في ضمير العالم الإسلامي . 4)ندوة العام 1400هـ : الحج والحُجّاج . 5)ندوة العام 1401هـ : العودة إلى الله طريق النجاح . 6)ندوة العام 1402هـ : الإيمان وتأثيره في سلوك الحج . 7)ندوة العام 1403هـ : الحج رحلة لتطهير النفس وصفاء السّرِيرَة . 8)ندوة العام 1404هـ : الحج بين حِكمة التشريع والتطبيق . 9)ندوة العام 1405هـ : آداب السلوك في الحج . 10)ندوة العام 1406هـ : الحج إعداد الحياة الجديدة . 11)ندوة العام 1407هـ : الحج والسّلام . 12)ندوة العام 1408هـ : قدْسيّة الزمان والمكان في الحج . 13)ندوة العام 1409هـ : الإسلام والتحدّيات المعاصرة . 14)ندوة العام 1410هـ : الحج ووحْدة المسلمين وواجبهم حِيَال التكتّلات المعاصرة . 15)ندوة العام 1411هـ : التنمية ضرورة في واقع الأمة الإسلامية . 16)ندوة العام 1412هـ : لغةُ القرآن في واقعِ الأمّة الإسلامية . 17)ندوة العام 1413هـ : الحج والسّلام والأمْن والأمَان في المجتمع الإسلامي . 18)ندوة العام 1414هـ : الحج وأثره في حياة الأمة الإسلامية . 19)ندوة العام 1415هـ : المضامين السلوكيّة والإنسانيّة لخُطْبة الوداع . 20)ندوة العام 1417هـ : الحج منطلق لتحقيق واقع إسلامي أفضل . 21)ندوة العام 1418هـ : الحج منطلق لتحقيق التعارف بين المسلمين . 22)ندوة العام 1419هـ : الحج ثواب التشريع ومنطلقات التأسيس منذ عهد الملك عبد العزيز آل سعود . 23)ندوة العام 1420هـ : كيفية تعزيز التواصل الإنساني بين الحجاج أثناء موسم الحج . 24)ندوة العام 1421هـ : التعارف الثقافي من خلال موسم الحج . 25)ندوة العام 1422هـ : أدب الحج . 26)ندوة العام 1423هـ : مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية (1) . 27)ندوة العام 1424هـ : مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية (2) . 28)ندوة العام 1425هـ : مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية (3) . 29)ندوة العام 1426هـ : القِيَم السلوكيّة الإسلامية في الحج . 30)ندوة العام 1427هـ : التيسير في الحج في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها . 31)ندوة العام 1428هـ : حجة الوداع .. شعائر وقيم . 32)ندوة العام 1429هـ : الاستطاعة في الحج في ضوء المقاصد الشرعية والواقع المعاصر . 33)ندوة العام 1430هـ : السلامة في الحج .. وتعاونوا على البرّ والتقوى . 34)ندوة العام 1431هـ : التوعية في الحج .. وتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى . 35)ندوة العام 1432هـ : مواكب الحج في التراث الإسلامي .. دروس وعبر . 36)ندوة العام 1433هـ : الحج عبادة وسلوك حضاري . 37)ندوة العام 1434هـ : فقه الأولويات في الحج .. ما خُيّرَ النبيُّ بينَ أمريْنِ إلا اختارَ أيْسَرَهما . وتبرزُ أهميّة هذه الندوات في الأقلام التي كتبتْ بُحُوثَها والأعلام التي حاضرَتْ في جلَساتها ، وخاصة وزراء الأوقاف من كافة دول العالم الإسلامي ، والمُفْتُون ، والعلماء والمشائخ الكبار ، ومن أشهرهم : ( من مصر ) : محمد الغزالي ، عبد الصبور شاهين ، أحمد عمر هاشم ، زغلول راغب النجار ، عبد الوهاب المسيري ، ( من تونس ) : محمد الشاذلي النيفر ، محمد الحبيب بلخوجة ، محمد الحبيب الهيلة ، أبو يعرب المرزوقي ، ( من المغرب ) : عبد الله كنّون ، حسن عبدالكريم الوراكلي ، ( من سوريا ) : نور الدين العتر ، ( من الإمارات العربية المتحدة ) : محمد عبد الرحيم سلطان العلماء ، ( من موريتانيا ) : عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه ( من الهند ) : أبو الحسن الندوي ، ( من تركيا ) : السيد صالح أوزجان ، ( من السينغال ) : إبراهيم جوب . ومن أشهرِ المُشاركين بالندوة من المملكة المشايخ والأدباء والمفكرين أمثال : عبد الوهاب إبراهيم أبوسليمان ، قيس محمد المبارك ، صالح بن عبد الله بن حميد ، أحمد محمود علي ، أحمد نافع المورعي ، سهيل محمد صابان ، معراج نواب مرزا ، عاصم حمدان ، حسين محمد بافقيه ، أبوبكر أحمد باقادر ، فؤاد عنقاوي ، مجدي محمد الخواجي ، سليمان عبد الغني مالكي ، عبد العزيز راشد السنيدي ، ميسرة طاهر ، عبد الله محمد الفوزان ، هاني أحمد عبد الشكور ، عمر سراج أبو رزيزة . أكثرُ من عَقْدٍ من الزمان مرّ على حُضُوري ومتابعتي جلساتِ وإصداراتِ ندوة الحج الكبرى ؛ كانت محطّاتٍ مَعْرفيّة وتعارُفيّة رائعة مع علماء ومفكرين وأعلام في العالم الإسلامي استثمرَتْ وزارةُ الحجّ فيهم هذا المَوْسمَ الربّاني بتلاقُحٍ ثقافيٍ مُكثّفٍ لا يزيدُ سنوياً عن ثلاثةِ أيامٍ مَعْدودةٍ ؛ يحْضُرُها المُحاضِرُون ويغلبُ على جُمْهورِهم زُمَلاؤُهم من المُشاركين أو ضُيُوف الوَزارةِ من العُلماءِ ؛ ليظلّ الحُضُورُ نُخْبوياً بامتياز 90% فليسَ ثَمّةَ حُضُور كبير من خارج تلك الدائرةِ من عامة الناسِ أو خاصّتِهم في البلدِ الحَرام رُغم أنّها مفتُوحة للجميع ! ولعلّ الأسبابَ في قلّةِ الحُضُور تَعُودُ للمَوْسِمِ ذاتِه ؛ فانْعِقَادُ الندوةِ في بِدايةِ شهْرِ ذي الحجة ووَسَط ذرْوةِ أعمالِ الحَج بالنسبة للمكيين له دورُه في ذلك الغيَاب ، أضفْ إلى ذلك الجانب الدّعائي للندوة الذي يحتاجُ إلى تكثيفٍ وتوْسيعٍ يشمَلُ أماكنَ بِعْثات الحج ومساكنِ الحُجاج كافةً ، وألا يقتصِرَ على ضُيُوفِ الوَزارة ممّنْ هُمْ في الأسَاسِ مُؤَمَّنٌ حضُورُهم سَكناً ونَقْلاً ، إضافةً إلى مَعَاهِدِ العِلْمِ مَدارساً وجامِعات لا ينبغي أنْ تغيبَ عن مثلِ هذهِ النّدواتِ الثرِيّةِ وخاصةً المَعَاهدَ الشرعيّة التي هي في أمَسّ الحَاجة إلى هذا التفاعل والحوار الحَضَارِي معَ الثقافاتِ والمَذاهِبِ المُتعدّدة . ويبقى الأهمُّ من كلّ ذلكَ ؛ ما يَنْتُجُ عن النّدَواتِ من توْصِيَاتٍ في كل عام ، تلْكَ التوصيات التي ظلّتْ في الغالبِ حِبْراً يَسْكنُ آلافَ الأوْراقِ منذُ أكثرَ مِنْ 40 عاماً ، لم تُرَاوِحَ مكانَها في مُجَلداتِ النّدوةِ المَطبُوعَةِ على الرّغمِ من أهمّيتِها العِلميّة والثقافية تنظيراً يحتاجُ إلى مَنْ يُحْسِنُ نَظْمَهُ على أرْضِ الوَاقِعِ المُعاش لأمةٍ إسلاميةٍ تحضرُ بعَامّتِها وخاصّتِها كلَّ عامٍ إلى هذهِ الأرضِ المُبَاركةِ ثم ترْحَلُ وقدْ حمَلَتْ في ذاكِرَتِها صُورةً مُصغّرةً لحَالِ الأمّة بآمالها وآلامِها . * مِن آخِرِ السّطْر : إنّ السّائِحَ في دُولِ العَالم المُتحَضّرة يخرُجُ لاشكّ مُحمّلاً بما علَق في ذِهْنهِ من ثقافةِ البلادِ التي زارَها وما بَهَرَهُ في حَضَارَتِها بَشَراً وحَجَراً .. وفي رحْلةِ الحاجّ المُخْتزَلة في خَطٍّها الزمني والمَكاني المُحدّد المَعْلُوم ؛ أينَ مساحَة الثقافةِ والعِلْمِ والتُرَاثِ المَنْقُول من أرْضِ الحَرَمَيْنِ الشريفيْن إلى العَالم ؟! هل تمّ تبَادُلها الحَضاريّ عبْرَ هذه الآلافِ منَ الأجْناسِ المُختلِفة ؟! بل ما هيَ مَنزِلة القِيَم والسّلُوكيّات والأخلاقِ التي سيَحْمِلُها الحُجّاجُ نحْوَ دِيَارِهم ممّا رَأوْهُ ولَمَسُوهُ في ضِيَافَةِ البَلَدِ وسُكّانِها من مقدّمي أشرَفِ خِدْمَة ؟! تساؤلات مَشْرُوعَة مَطْرُوحة على طاوِلةِ ندوة الحج الكبرى . Shuaib2002@gmail.com