تمكنت القوات الكردية والاتحادية العراقية من استعادة بعض البلدات والمواقع من تنظيم «داعش» بدعم جوي امريكي، لكن استعادة السيطرة على الموصل، ثاني مدن العراق، تشكل تحديا عسكريا اكثر صعوبة. وقال روش نوري شاويس قائد قوات البشمركة في منطقة الخازر التي تبعد مسافة 30 كلم شمال الموصل ان الظروف لبدء معركة استعادة المدينة غير متوفرة حتى الآن. وأضاف: «من الواضح ان ميزان القوى لا يزال في صالح العدو». وكان وزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري أعلن الاسبوع الماضي ان استعادة السيطرة على الموصل «هدف اساسي» بالنسبة لبغداد. وأضاف: «نظرا للعمليات العسكرية التي سنقوم بها، اعتقد بأن ذلك لن يكون أمرا صعبا». لكن انتوني كوردسمان من المركز الاستراتيجي والدولي للدراسات عبر عن اعتقاده بان استعادة السيطرة على المدينة الشمالية «سيستغرق شهرا على الاقل، الا اذا انهار (تنظيم) «داعش» لاسباب داخلية». وليست هناك معلومات كافية حول الوسائل التي يملكها تنظيم «داعش» للاستيلاء على الموصل التي كانت تضم حوالى مليوني نسمة قبل بدء النزاع. يذكر ان تنظيم «داعش» سيطر على الموصل في العاشر من يونيو الماضي غداة الهجوم الكاسح الذي أدى الى استيلائه على مناطق شاسعة في شمال البلاد وغربه دون مقاومة تذكر من جانب الجيش العراقي. وفي الاسابيع الاخيرة، حققت القوات التي تواجه تنظيم «داعش» نجاحات محدودة بفضل الدعم الجوي الامريكي مثل استعادة السيطرة على سد الموصل اواخر اغسطس الماضي. وقال كيرك سويل المسؤول عن نشرة «انسايد ايراكي بوليتكس» في هذا السياق: «كان الامر عبارة عن جبهة مفتوحة غير مأهولة كما كان الهجوم طاغيا». كما تمكنت القوات الكردية الاسبوع الماضي من استعادة السيطرة على سبع قرى في سهل نينوى الذي يمتد حتى الموصل، لكن بين هذ القرى والموصل لا تزال برطلة وقره قوش وغيرها تحت سيطرة تنظيم «داعش». وجنوبا، أضاف سويل: «تحاول القوات الحكومية مرارا استعادة السيطرة على تكريت لكنها تواجه بالفشل، كما انها تبذل اقصى جهودها للحفاظ على الضلوعية التي تبعد مسافة 80 كم شمال بغداد. وبالتالي، فإنها لن تكون قادرة على استعادة الموصل وللتقدم باتجاه الموصل، أوضح شاويس الذي تم تعيينه وزيرا للمال في الحكومة العراقية الجديدة «نحن بحاجة الى تعاون حقيقي من جانب الاسرة الدولية يجب تقديم مساعدات عسكرية بشكل منتظم وثابت مثل المعدات والذخيرة والاسلحة». ولفت كوردسمان الى ان «البشمركة لم يكن لديها اسلحة ثقيلة» في حين وضع «داعش» يده على الترسانة العسكرية التي خلفها الجيش العراقي أثناء فراره. وقد بدأت عدة دول تسليم اسلحة للمقاتلين الاكراد وارسال خبراء لتدريبهم على استخدامها، بينما وجهت فرنسا اولى ضرباتها الجوية أول امس الجمعة الى مستودع لوجستي «داعش» في مكان لا يبعد كثيرا عن الموصل. وأبرز الاهداف الملحة للولايات المتحدة الان هو تعزيز قدرات الجيش العراقي الذي من المفترض ان يلعب دورا رئيسيا في استعادة السيطرة على الموصل. لكن سويل أكد ان قوات «النخبة العراقية التي يمكنها لعب دور فاعل في ظروف مشابهة لا تزال قليلة العدد، كما انه لا يمكن لقوات البشمركة الدخول الى الموصل لأنها مدينة عربية». وقبل بدء الهجوم المضاد، ينبغي «حل المشاكل السياسية» التي تكبل العراق بحسب كوردسمان. وفي الموصل المدينة ذات الغالبية السنية، يستفيد تنظيم «داعش» من تعاطف ودعم جزء من السكان الذين شعروا بالغبن حيال تجاوزات قوى الامن ذات الغالبية الشيعية. والطريقة التي سيتصرف بها سكان الموصل ازاء عملية عسكرية واسعة النطاق لا تزال امرا مجهولا يتعين على الخبراء العسكريين تقييمه. من جهته، قال الجنرال البريطاني المتقاعد بن باري الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان «داعش» بانكفائها تجاه المدن تريد دفع القوات الامريكية والعراقية الى ارتكاب اخطاء. واضاف في هذا الصدد: «سيوقعون خسائر في صفوف المدنيين عبر محاولتهم ضرب المسلحين(...) وسيستخدم هؤلاء وسائلهم الدعائية لتحريض السنة ضد الحكومة العراقية». بدوره، قال احمد علي من معهد الحرب: ان «داعش» قد تستخدم المدنيين دروعا بشرية، لكن الاولوية يجب ان تكون في جميع الاحوال تجنب سقوط ضحايا مدنيين». الوعي الشعبي أفشل الطائفية من جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن وعي وحس المواطنين العراقيين أحبط محاولات الإرهابيين لجرهم إلى حرب طائفية. وقال العبادي في بيان صدر عن مكتبه أمس إثر تفقده جرحى يرقدون بالمستشفى سقطوا جراء تفجيرات مدينة الكاظمية بشمال بغداد أمس الأول إن «الانتصارات التي تحققت على «داعش» أدت بهذا التنظيم إلى تفجير وقصف المدن السكنية، مشيراً إلى أنه أصدر توجيهات إلى القوات الأمنية بضرورة الانتباه لهذه المخططات وإحباطها، والحفاظ على أرواح المدنيين ومنع الإرهابيين من التسلل إلى المدن». مقتل 8 أشخاص في كركوك أسفر انفجار سيارة ملغومة عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة عشرات آخرين بجروح في مدينة كركوك التي يغلب عليها الأكراد في شمال العراق حسبما ذكرت مصادر أمنية عراقية أول أمس الجمعة (19 سبتمبر). ووصل رجال الإنقاذ والإطفاء إلى الموقع لسحب العربات المتفحمة وإزالة بقع الدماء من الأرض. وفي مكان آخر أول أمس الجمعة انفجرت سيارتان ملغومتان مما أسفر عن مقتل تسعة اشخاص في العاصمة بغداد. واجتاح مقاتلو «داعش» -الذين يسيطرون على الكثير من من أراضي محافظات شرق سوريا النفطية والزراعية على مدار أكثر من عام- المناطق التي يغلب عليها السنة في شمال العراق في منتصف يونيو حزيران، واستولوا على مدن بينها الموصل وتكريت وتوقفوا على بعد أميال قلائل إلى الشمال من بغداد. وأصبحت السيارات الملغومة التي تعلن «داعش» المسؤولية عن بعضها حدثا شبه يومي في العاصمة العراقية.