مع موجة الاهتمام بالرياضة بوصفها فنا قائما بذاته، وانتشار العديد من المقاطع التي توثق الإبداع الفني لهذا اللاعب أو ذاك، وكأن حالة التشجيع الشاملة قد انتهت، لا بد من إثارة موضوع علاقة الثقافة بالفنون. أعلنت الحالة الفنية الذوقية انتهاء مرحلة فصل الفنون عن بعضها. اللاعب قبيل المباراة يظهر وبأذنه سماعة للموسيقى، يلهمه الفن الهندسي في عمارة المكان، ويطرب للفنون في الرياضة، ويهتم بالفن الصحافي! نرى دائما حضور الفنانين للملاعب الرياضية، واهتمام الكتاب بالفنون بمختلف أصنافها. في كل مجالٍ إبداعات فنية، يقول الفيلسوف الفرنسي بليز باسكال في الخاطرة رقم 22 من كتابه خواطر: لا يقولن أحد أنني لم أقل شيئاً جديداً، إن لفي ترتيب المواد لجدة. الكرة في لعبة الكرة واحدة بين لاعبين، ولكن أحدهما أحسن من الآخر في التسديد. يختلف المعنى باختلاف ترتيب الكلام، وتختلف مفاعيل الكلام باختلاف ترتيبها. بين الرياضة، والموسيقى، والكتابة، والهندسة، والرسم الكثير من الترابط. وهي تتكامل، فالكاتب يحتاج إلى الموسيقي والرياضي والهندسي والتشكيلي، فهم يتكاملون بالإنتاج ويحتاجون إلى بعضهم في الإلهام. ثمة نظريات فيزيائية استفادت من مفاهيم موسيقية مثل نظرية: الأوتار الفائقة، ويستفيد المهندس والموسيقي والمخرج من كل ما بين يديه من إمكانيات ومن عدة فنية أو إبداعية. عظمة الفنون في تكاملها ولا تعقم إلا حين يتم فصلها عن الإفادة من المجالات الأخرى. موسيقيون كثر كانوا على اطلاع في الأدب، وأدباء كثر كانوا يعزفون عدة آلات. تبقى بيئة الإبداع ملهمة بعضها يسند الأخرى، الفرق أن الكاتب يسدد في مجاله وكذلك المصور والمهندس. العملية الإبداعية لا حدود لها ولا نهاية لإلهامها واستلهامها. نقلا عن عكاظ