حث الإسلام على الصدقات، والإنفاق في سبيل الله، وقال عز وجل «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة»، ووعد على ذلك بالأجر الجزيل، والثواب الكبير، قال تعالى «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين»، ولا يخفى على المسلم فوائد الصدقات، وبذل المعروف للمسلمين، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، ولكن يجب أن يعلم الجميع أن المساجد لم تبن لاستدرار المال، واستعطاف قلوب المصلين، بل هي بيوت عبادة، فالواجب احترامها من كل ما يدنسها، ولذا فهي لا تصلح مكانا للتسول، ورفع الصوت ولغط الكلام، وأقرب ما تقاس عليه مسألة التسول بالمساجد بمسألة نشدان الضالة، فناشد الضالة يبحث عن ماله، ومع ذلك أمر الشارع الكريم كل من في المسجد بأن يدعو عليه بأن لا يجد ضالته، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه (من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك)، لذا فمن الأجدر ألا يُعطى المتسول نكالا له. والتسول مسألة أرقت المجتمع وكثر فيها الجدل عند الكثيرين، فلا تكاد تصلي في مسجد إلا ويداهمك متسول، والعجب عندما ترى رجلا أو شابا يردد كلمات لطالما سمعناها، وسئمناها، مدفوعا من قبل فئة مبتزة، أو جهة عاطلة، تريد المساس بأمن هذا البلد واستقراره، وتشويه صورته أمام المجتمعات، إن تلك المناظر المخجلة التي نراها في بيوت الله وعند الإشارات المرورية وداخل المجمعات التجارية لهي دليل على نزع الحياء لدى أولئك المتسولين والمبتزين لأموال الناس، وكم تطالعنا الصحف اليومية بتحقيقات صحفية مع أولئك المبتزين من رجال ونساء، ولسان حالهم جميعا يقول: نريد مالا بلا عمل وهناك من وجد بحوزته أكثر من 50 ألف ريال وآخر أكثر من مليون ريال (صحيفة عكاظ).. مما يدل على أن القصد من التسول الاستكثار لا للحاجة قال - صلى الله عليه وسلم- «إن لم تستح فاصنع ما شئت».. ولذا فمن واجب الجميع التكاتف فيما بين (إدارة مكافحة التسول - والشؤن الاجتماعية - ورجال الأمن) ونشر رجال المكافحة في المساجد خاصة أيام الجمع وعند صلاة المغرب والعشاء للقضاء على تلك الظاهرة.. وحقيقة أن رجال المكافحة مقصرون بواجبهم بل أؤكد على ذلك إذ أننا لانرى لهم نشاطا يذكر إلا في رمضان وعلى استحياء أيضا.. ومن واجبنا جميعا الحض على عدم مد اليد للمتسولين والإمساك بهم ومعرفة دوافع التسول، فالمواطن يحال لجهات الاختصاص وهم قلة، والأجانب تخاطب سفاراتهم ويرحلون فورا إلى بلدانهم .. والله المستعان.