هناك ظاهرة في السعودية، تزيد رقعتها ويتسع مداها، وتسير بخطوات وثابة في الاتجاهات كافة، دون أن نعتبرها أو نأخذها في الحسبان، فضلاً عن أن نتتبع مظاهرها، ونتعرف على أسبابها، ونضع لها الحلول الناجعة التي تقضي عليها، أو تُحدُّ من انتشارها. تلك الظاهرة هي العنف وشراسة الطبع، التي تنال الجميع، بداية من الأب والأم والزوجة والأبناء، ومروراً بالخادمات والعاملات في المنازل، والأيتام في دور الرعاية، والأطفال في أماكن التحفيظ، انتهاء بالحيوانات والدواب، بل الجمادات كذلك! وحقيقة، إن الظاهرة في علم الاجتماع تحتاج إلى شواهد وأدلة؛ كي تثبت فرضيتها. وعلى الرغم من أن ما نتحدث عنه الآن هو أوضح دلالة، إلا أننا نستشهد ببعض الحوادث المؤلمة، التي وقعت في غضون أيام عدة ماضية، وشملت شرائح عدة ممن تحدثنا عنهم سابقاً. فهذا طفل مسلوخ الرأس، بسبب التعنيف على يد والده الذي طلب منه السرقة فرفض؛ فعاقبه بسلخ فروة رأسه، وسكب مادة كلوركس وفلاش على رأسه بمساعدة أحد أبنائه، بمحافظة صبيا. وفي واقعة أخرى كشفت هيئة حقوق الإنسان عن المعلم الذي قام بتعنيف طفل بقسوة في إحدى حلقات تحفيظ القرآن الكريم. وكشفت المعلومات أن الحادثة وقعت في مسجد التوحيد بجبل الشراشف بمكة المكرمة. وانتشر فيديو على يوتيوب، يُظهر شباباً من منطقة سراة عبيدة التابعة لمنطقة عسير يحرقون ثعلباً ويعذبونه. ومن قبله كانت مجموعة أخرى من الشباب مثلوا بالثعلب قبل عشرة أيام تقريباً من هذه الواقعة. هذه الوقائع وغيرها، التي تمتاز بقسوة مفرطة، توحي في النهاية بأنك ربما أمام تغير في النفسية التي تخرج منها مثل تلك التصرفات؛ وهو أمر ندعو إلى وضعه على طاولة البحث العلمي، وبين يدي الخبراء، للبحث فيه بمنظار العلم، بعد أن تناولناه بمنظار المتابعين والمهتمين. نحتاج إلى أن نبحث ونرى كلمة العلم، ونريد إجابات واضحة على تساؤلاتنا: ـ هل نحن بالفعل أمام ظاهرة توحي بتغير في نمط الشخصية السعودية؟ ـ وما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ ـ وما سُبل العلاج لوقف هذه الظاهرة وإعادة التوازن إلى الشخصية السعودية مرة أخرى؟