ما منعك...؟ علي بن صالح أسلوب راق في العتاب ، يحمل في طياته المحبة، وحسن الظن، والحض على الفعل، والتماس العذر ، وطلب ابداء العذر ، وإشعار بإمكانية قبول العذر... أستخدمه الله تعالى في عتابه لإبليس عندما لم يمتثل أمره ويسجد لآدم فقال (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) واستخدمه موسى عليه السلام في عتابه لأخيه هارون فقال: ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن. واستخدمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في عتابه لرجل اعتزلهم في صلاة الفجر وهم في سفر ، فقال : يا فلان ، ما منعك أن تصلي في القوم . فقال : يا رسول الله ، أصابتني جنابة ولا ماء ، قال : عليك بالصعيد ، فإنه يكفيك . واستخدمه في عتابه لأبي بكر لأنه لم يطعه في إكمال الصلاة بالناس عندما تأخر صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر ، فقال : أتصلي للناس فأقيم ؟ قال : نعم ، فصلى أبو بكر ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف فلما أحس به أبوبكر تأخر فأشار إليه :أن امكث مكانك. فلم يطعه أبو بكر فلما انصرف قال: يا أبابكر ، ما منعك أن تثبت إذ أمرتك . فقال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . واستخدمه في عتابه لامرأة من الأنصار لم تحج معهم،فقال: ما منَعَكِ أن تَحُجِّي معَنا . قالتْ : كان لنا ناضِحٌ فركِبه أبو فلانٍ وابنُه، لزَوجِها وابنِها، وترَك ناضِحًا نَنضَحُ عليه، قال : فإذا كان رمضانُ اعتَمِري فيه، فإن عُمرَةً في رمضانَ حَجَّةٌ . واستخدمه في عتابه لعائشة رضي الله عنها عندما لم تأذن فلح أخي زوج مرضعتها بالدخول عليها فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( وما منعك أن تأذني، عمُّك) واستخدمه عمر بن الخطاب في عتابه لابنه عبدالله عندما لم يجب على سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم لهم وكان يعرف الإجابه وعجز عنها الشيوخ فقال لهم: ( أخبِروني بشجرةٍ تُشبِهُ ، أو : كالرجلِ المسلمِ ، لا يَتَحاتُّ ورقُها ، ولا ولا ولا ، تؤتي أُكُلَّها كلَّ حينٍ ) . قال ابنُ عُمَرَ : فوقَع في نفسي أنها النخلةُ ، ورأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ لا يتكَلَّمانِ ، فكَرِهتُ أن أتكَلَّمَ ، فلما لم يقولوا شيئًا ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هي النخلةُ ) . فلما قُمْنا قلتُ لعُمَرَ : يا أبَتاه ، واللهِ لقد وقَع في نفسي أنها النخلةُ ، فقال : ما منَعك أن تَكَلَّمَ ؟ قال : لم أرَكم تَكَلَّمونَ ، فكَرِهتُ أن أتكَلَّمَ أو أقولَ شيئًا ، قال عُمَرُ : لَأن تَكونَ قلتَها ، أحَبُّ إليَّ من كذا وكذا. هذا الأسلوب الراقي ما يمنعنا أن نستخدمه، فيقول الأب لابنه الذي تأخر عن الصلاة :ما منعك أن تصلي معنا. ويقول الزوج لزوجة التي لم تعد الطعام :ما منعك أن تطبخي؟ ويقول المعلم للطالب الذي لم يحضر واجبه: ما منعك أن تحضر الواجب؟ ويقول المدير للموظف الذي تأخر عن العمل : ما منعك أن تحضر مبكرا؟ وهكذا .. كلما اردنا أن نعاتب أحدا تذكرنا هذا الأسلوب الراقي (ما منعك..)