يعتبر افتتاح المحاكم المتخصصة والدوائر الإنهائية وما سيتبعها لاحقا من نقل للمحاكم التجارية والعمالية وإنشاء المحاكم المرورية وغيرها، نقلة نوعية وخطوة جبارة في مجال تطوير منظومة القضاء، وثمرة مباركة من ثمار مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لتطوير مرفق القضاء وتحقيق العدالة في المجتمع من خلال تخفيف العبء عن القضاة والمتقاضين، ويمنح القضاء المتخصص الحق في نظر قضايا معينة بما يضمن سرعة الفصل في القضايا والجودة في الأحكام في الوقت نفسه. وكما أسلفنا فإن تخصيص القاضي بنظر قضايا محددة سيضمن المزيد من الدقة في تسبيب الأحكام وسرعة البت في القضايا فضلاً عن تخفيف الأعباء القضائية على المحكمة الإدارية والمحكمة العامة من خلال نقل العديد من اختصاصاتها إلى هذه المحاكم باستقلالية تامة، وسيؤدي إلى توحيد جهد القاضي بالبحث في تخصص نوعي واحد وبالتالي صدور أحكام دقيقة ومبنية على دراسة متأنية ومتخصصة، ولا شك أن زيادة عدد المحاكم المتخصصة سيتطلب أيضاء المزيد من الاهتمام بإعداد وتهيئة القضاة الأكفاء ودعمهم بالموظفين المؤهلين وتوفير الإمكانيات اللازمة حتى تكتمل منظومة عمل المحاكم المتخصصة. ومن جهة أخرى يعد التوسع في إنشاء المحاكم المتخصصة خطوة ضرورية في تطوير مرفق القضاء نتيجة كثرة وازدياد الإشكاليات سواء كانت إدارية أو عمالية أو حقوقية أو أحوال شخصية أو تجارية خاصة مع تشعب التعاملات الاقتصادية والارتباطات بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتطلب التوسع في تخصيص المحاكم التجارية وسرعة الفصل في القضايا لتعزيز الثقة في القضاء التجاري، حيث ان دوافع الاستثمار عادة تسعى وراء البيئة الأكثر أماناً والأقل مخاطرة بشكل عام، وسيزيد من ثقة المستثمرين في الحصول على حقوقهم كاملة من خلال اللجوء إلى القاضي المختص في نظر النزاع لحماية هذه الحقوق بمنتهى السرعة والدقة والكفاءة. ونخلص إلى أن إنشاء المحاكم المتخصصة سيؤدي بالضرورة إلى تطوير مرفق القضاء بشكل عام، ويضمن في الوقت نفسه جودة الأحكام وسرعة الفصل في القضايا ويخفف العبء عن القضاء من جهة أخرى، ونعتقد أن اكتمال هذه المنظومة يتطلب تطوير الأدوات التي تقوم عليها هذه المحاكم سواء من القضاة أو الموظفين أو الأنظمة والإجراءات المطلوب تعديلها لمواجهة الصعوبات التي قد تواجه عمل هذه المحاكم في بداية تخصيصها، وبالجملة يبقى تفعيل دور السوابق القضائية في النزاعات بحسب طبيعة كل قضية ضمانة لتحقيق العدالة الناجزة بكفاءة عالية وعنصرا مهما في تكامل وترابط أدوات التطوير الشامل لمرفق القضاء في المملكة العربية السعودية.