الحج المبرور هو الحج الذي لا يخالطه إثم، وعلامته أن تظهر ثمرته على صاحبه بأن يأتي حالته بعده كله خيراً منها قبله.(1) وقد ذكر البر والتقوى في قول الله تعالى {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}. والحج المبرور يقصد به ترك ما يخل بالحج أو يفسده أو ينقص ثوابه، وترك فعل المعاصي والموبقات وارتكاب الجرائم والآثام وأذية الحجاج والإخلال بالأمن في البلد الحرام يقول سبحانه وتعالى {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. ومن ثمرات الحج المبرور، ولاسيما إذا اجتنب الحاج ارتكاب الذنوب والمعاصي يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».(2) فالحج المبرور يغسل الذنوب، فعن عبدالله بن جراد -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدنس». وقال -صلى الله عليه وسلم- «الحج يهدم ما قبله»(3). والحج المبرور من ثمراته النفقة مضاعفة، فالدرهم الواحد يعدل سبعمائة درهم كالنفقة في سبيل الله، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف»(4). والنفقة في الحج مخلوفة على الحاج لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «وإن أنفقوا أخلف لهم». والحاج في عهد الله وضمانه حتى يرجع، وإن مات وقع أجره على ربه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من حج البيت أو اعتمر فهو في ضمان الله، فإن مات أدخله الجنة، وأن رده إلى أهله رده بأجر وغنيمة». وشفاعة الحاج يقبلها الله تعالى، وكذلك فيمن شفع فيه ودعاءه له إضافة إلى الدخول في دعائه عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم بالمغفرة للحاج، ومن استغفر له، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج». وروي في يوم عرفة أن الله يقول: أفيضوا مغفوراً لكم ولمن شفعتم فيه». والمتابعة بين الحج والعمرة تزيد في العمر والرزق، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «تابعوا بين الحج والعمرة، فإن المتابعة بينهما تزيد في العمر والرزق». وفي حديث «حج تترى وعمر نسقى يدفعنا ميتة السوء وعيلة الفقر». وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان عن العبد الفقر والذنوب كما ينفي الكثير الخبث»(5). والحج المبرور لا يكون حجاً مبروراً إلا إذا بدأ بالتوبة من جميع المعاصي، ويخرج من مظالم كل من بينه ومعاملة غير صحيحة، ويوكل من يقضي عنه ديونه اذا لم يتكمن هو من قضائه، ويترك لأهله، ومن تلزمه نفقته من زوجة ووالد وولد شيئاً من المال إلى حين رجوعه، وأن تكون نفقته حلالاً خالصة من الشبهة، فإن خالف وحج بما فيه حرام ومعصية وسحت لا يكون حجاً مبروراً، وإنما يكون حجاً كما وصفه القائل: إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير ** ** ** هوامش: 1 - نقلاً عن الإمام النووي 2 - رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- 3 - أخرجه الإمام الطبراني 4 - أخرجه الإمام أحمد 5 - أخرجه الإمام الترمذي