الأطفال هم هبة الله لأهل الأرض، أرواحهم محلقة في السماء، ضحكاتهم تملأ الكون كله سعادة وبهاء، وإشراقة صباح على ابتسامة طفل تبعث في نفسك التفاؤل، وقبلة على جبينه تسعده وتعطيه مزيدًا من الأمن واستشعار الحب والوداد. فما بالنا اليوم نستيقظ على أخبار لم نعتد سماعها عن عنف وضرب وانتهاك لحقوق الطفل البريء، الذي لا حول له ولا قوة. أب جُرِّد من إحساسه وتحوّل إلى وحش آدمي، فسلخ جلد رأس طفله، وسكب عليه المادة الحارقة.. ومعلم في حلقة تحفيظ لم يرع حرمة المكان ولا قدسية القرآن الذي بين يديه، فانهال ضربًا على طالب العلم، بل وحافظ القرآن. هؤلاء لم يصبحوا بشرًا، ولا يمكن أن نطلق عليهم مسمى مرب، سواء كان معلمًا أو أبا أو أما، أو من تولى شأن الطفل في أي مكان في مركز تأهيل أو مستشفى أو دار للأيتام. القصص كثيرة يكاد لا يصدقها عقل، فهل يحق لنا أن نتساءل ما الذي حدث في مجتمعنا لتحول حياة هؤلاء من الحياة السوية الآمنة إلى حياة العنف والتطرف؟! طفل معنف قد يكون مشروع شاب متطرف فكريًا وسلوكيًا واجتماعيًا، طفل معنف لا يمكن أن يحيا حياة طبيعية، سيسعى بكل الطرق للانتقام وأخذ حقه يومًا، فهل من منصف قبل أن تقع الفأس في الرأس؟! دائمًا نُردِّد إذا أمنت العقوبة أسيء الأدب، نحن بحاجة ملحة إلى تفعيل قوانين حقوق الطفل، ومن يتجاوز تلك الحقوق فلا ولاية له، ولا يمكن أن يؤتمن على أهل بيته. بين يدي لوحات لأطفال تحكي قصص العنف الأسري، لو عُرضت على محلل نفسي وطبيب مختص لاستكشف عجبا. أي عنف هذا الذي يجعل طفلًا يطوق لوحته بسلاسل من حديد، أو يُصوّر بحرفية عالية مشاهد الضرب والتهجم على امرأة تبدو ضعيفة منكسرة، أو عبارات يتلفظ بها الطفل ليقول لأهله ارحموني من قسوتكم، وعبارة أخرى تقول فيها طفلة عشنا حياتنا كلها في عنف وكراهية. نعم إن أردنا أن ننشئ جيلا محبا للحياة بعيدًا عن التطرف والإرهاب، لابد أن يحيا في بيئة سليمة معافاة بعيدًا كل البعد عن هذه الأجواء المعنفة، نتعامل معه بحب وتفاهم وحوار إيجابي بين جميع أفراد الأسرة، المشكلات تحل بالهدوء والعقلانية والحوار المتبادل، وتقبل اختلاف الآراء بعيدًا عن الإقصاء ورفع الأصوات والضرب والإهانة. تربّينا في بيوتٍ كنا لا نعرف لفظا واحدا يخدش الحياء أو يسيء إلى إنسانيتنا، يكفي أن نرى نظرة عين فيها شيء من اللوم والعتب على تصرف غير لائق في حضور الأغراب أو حتى بين أفراد العائلة الكبيرة. رحم الله جدي– حمدان– كنت أغطي شعري عند وجوده بيننا لأني رأيت أمي– رحمها الله- تفعل ذلك احتراما للشيخ الكبير وهو أبوها، ففعلت مثلها، وفي يوم ارتديت ملابس لا تروق لجدي فنظر لي نظرة عتب ومحبة، وعرفت مقصده، فذهبت لأغيّر ملابسي وأرضيه. كم نحن بحاجة إلى تفعيل لغة الجسد في تعاملاتنا من خلال نظرات العين ونبرات الصوت واستشعار ومعرفة اللغة، التي نخاطب بها من حولنا ليكونوا أكثر قربا منا وأكثر عاطفة وحميمية. بيوتنا اليوم تعاني من الجفاف العاطفي، والمعاناة النفسية أشد مضاضة على البشر من معاناة الجسد وحده. رحمة بنا وبمستقبل مجتمعنا لنعلنها بقوة: نعم للحوار الأسري ولا للعنف والتطرف. Majdolena90@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (65) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain