×
محافظة المنطقة الشرقية

الشعيبي يضع حجر أساس فرع معهد إدارة الدمام

صورة الخبر

إن الكمال لله سبحانه وما عداه لا يمكن أن يكون كذلك، لكن بعض الناس يأبون أن يقروا بهذه الحقيقة، ومتى رضوا عن أمر عدوه كاملا وأخذوا ينافحون عنه رافضين الإقرار بنقص يعتريه أو عيب يخالطه. وفي الأيام القليلة الماضية، نشطت بعض الكتابات التي تنتقد المدرسة السلفية ممثلة فيما جاء في بعض كتب الفتاوى، ترى أنها زرعت في عقول الناس بذور التكفير وكانت لهم بمنزلة الجذور التي انبثقت عنها الحركات الإرهابية في عصرنا الحاضر من أمثال داعش والقاعدة وغيرها. وتمثلت ردة الفعل لتلك الكتابات في ظهور كتابات مضادة تدافع عن الفكر السلفي وتنكر أن يكون داعية إلى التكفير أو ضرعا تتغذى منه التنظيمات الإرهابية، ولم تكتف الكتابات المدافعة عن السلفية بنفي التهمة عنها فحسب وإنما مضت (كما يحدث غالبا) في اتهام منتقديها بالليبرالية الكارهة للدين. وكان آخر ما قرات حول هذا الجدل ما كتبه الدكتور عبدالعزيز قاسم في صحيفة الوطن معلقا على الكتابات النقدية للسلفية حيث لم ينكر الكاتب وجود فتاوى لبعض أئمة السلفية قد يفهم منها التكفير، إلا أنه يميل إلى التماس العذر لهم، «بأن الفترة التي أطلقوا فيها فتاواهم تختلف عن زماننا هذا (...) وليس من المعقول إغفال ظروف تلك المرحلة لنحاسبهم نحن في مرحلتنا هذه»، ومن هنا هو يرى أن الأفضل التوجه إلى دعم الدعوة التي أطلقها البعض بتنقية التراث الموجود في الدرر السنية، وبيان أحوال وظروف الفتاوى التي يرى المنتقدون أنها أساس التكفير. لكن التماس العذر لتلك الفتاوى بأنها كانت ملائمة للزمن الذي قيلت فيه، وإن كانت لم تعد صالحة لعصرنا هذا، لا يمحو حقيقة وجودها وتأثر بعض المعاصرين بها، كما أن نقد الأئمة لإفتائهم بمثلها لا يقلل من شأنهم، فهم ليسوا معصومين ولا يتوقع منهم الكمال، وكونهم أخطأوا في هذه لا يعني أنهم أخطأوا في كل شيء آخر. وحين تكون هناك دعوة إلى مراجعة ما تتضمنه مؤلفات بعض علماء السلفية، من أشكال التشدد والغلو وتنقيتها منها، فإن ذلك لا يعني الكره للسلفية، وإنما هو الحب للعودة بها إلى الحق. فالمخلصون هم الذين يسعون إلى تصحيح وتصويب ما يتبين لهم ضلاله بلا تعصب ولا انحياز. ومن الحق أن تكون هناك دعوة نحو تنقية السلفية مما خالطها من أفكار أو أقوال متطرفة، سواء فيما يتعلق بسهولة التكفير أو غير ذلك من أشكال التشدد والغلو، وهي دعوة لا تقلل من قدر السلفية ولا من محتواها المخلص للتوحيد والمتشبث بسنة الهادي عليه أفضل الصلاة والتسليم، بل تزيدها ثباتا ورسوخا بصقل ما فيها من فكر عظيم وإسقاط ما يشوبها من شوائب الغلو. أما التصدي للدفاع عنها بكل ما فيها وإنكار ما احتوت عليه من أخطاء، فإنه لا يجدي شيئا، ولن يغير حقيقة احتوائها على بعض الأفكار غير الصحيحة، والحق أحق أن يتبع، خاصة أن الغاية هي تحقيق المصلحة وليست التعصب لفريق ضد آخر، ومناصرته بالحق والباطل!!