×
محافظة المنطقة الشرقية

ارتفاع حجم الاستثمارات السعودية في قطاع البصريات إلى 3 مليارات ريال العام الجاري

صورة الخبر

كل ما أذكره في بداية حياتي الجامعية في جامعة البحرين، هو ذلك الحرج الكبير الذي وضعتني به إحدى الزميلات دون قصد منها، حينما جاء دورها لكي تتحدث عن الموضوع الذي ستسلط الضوء عليه، وكانت قد اختارت الحديث عن خاصية سوء استخدام البعض "للبلوتوث"، أو كما سمته نهلة "الضرس الأزرق" وسقطنا جميعنا على الأرض، من ترجمتها الحرفية، كان ذلك في عام 2003 والأمر بدا مضحكاً في أوله، لكنه بدا موجعاً حينما ذكرت بعض القصص عن سوء استخدام هذه الخاصية وبالذات في السعودية، وكانت وقتها عدد من القصص قد انتشرت في السعودية من تصوير لمقاطع خادشة للحياء، فيما لم أكن قد تناهى إلى مسامعي أي قصة من هذا النوع في البحرين، ولا أعرف حينها لماذا خجلت؟ ولماذا شعرت بأن نهلة لربما تقصدني أنا تحديداً؟ وأنا التي لا علاقة لها لا من بعيد أو من قريب بمن أساؤوا استخدام "الضرس الأزرق"، كما سمته نهلة، الشعور القميء الذي ملأ مشاعري بالخجل والذعر أيضاً، كان ناتجاً عن أنني من نفس الوطن الذي أشارت إليه بأنه لم يحسن مطلقاً استخدام هذا التطور التقني في أجهزة الجوالات! بعد تويتر والانستجرام والباث جاءنا ما يسمى بالسناب شات وبعدها برنامج جديد اسمه You now، برنامج لم أسمع عنه إلا القليل، لكني سمعت من بعض الشباب من الجنسين أنه أسوأ برنامج ظهر حتى الآن، وأبطاله هم مراهقون ومراهقات من وطني ومن أوطان أخرى. المخزي في الأمر أن ثمة مراهقات صغيرات لم يختمن سنواتهن العشرين، يظهرن عبر مشاهد مباشرة وهن يتراقصن ويغنين ويلقين نكاتاً سيئة، إلى جانب استعراض أجسادهن، متصورات بعقولهن الصغيرة جداً أن المشاهدين الذين يقومون بالتعليق على الفيديو، لن يستطيعوا حفظ هذه المشاهد، ولكن للأسف الشديد هناك خاصية تتيح للمتابعين الدخول على حساب المشترك ويمكن لهم الاحتفاظ بالمشاهد القذرة، التي تظهر حتى في "عز" ظهرية رمضان، حيث يتباهى البعض بتناول الطعام في هذا الشهر الكريم، فيما يحث البعض على فعل ما يقومون به بالإفطار جهراً أمام هذا البرنامج، كما يقوم البعض بالعزف والغناء أيضاً في هذا الشهر، وكأنهم بذلك يتحدون الله جل جلاله، وهم أصغر مما يتصورون وأتفه من حقيقتهم التي يظهرونها للعالم. ما يحز في الخاطر ويؤلم في النفس، أن ثمة فتيات صغيرات ظهرن بملابس لا تستر إلا القليل من أجسادهن وأخذن يتراقصن، وهن لا يعلمن تماماً بأن أي شاب يمكن له أن يحتفظ بالفيديو، عن طريق خاصية معينة، وكن قد فعلن ذلك من خلال جهاز الآيفون الذي لم يكن يسمح لهن بالتعرف على وجود هذه الخاصية، حتى ظهرت وجوههن إلى المشتركين، وهناك متابعة شعرت بالخوف عليهن، لذا سارعت بمحاولة التواصل مع صاحبة الحساب، ولكن ذلك لم يجد نفعاً، وباءت كل محاولات الأخت بالفشل، فحاولت أن تدخل من أكثر من حساب، فقط لكي تطلب من الشابة الصغيرة أن تتحدث معها على الخاص ولو لخمس دقائق، ولكن صاحبة الحساب كانت تضع زر الحظر عليها في كل مرة، معتقدة بأنها ستطلب منها شيئاً خاصاً، وبعد محاولات طويلة ومضنية تجاوزت الخمس ساعات، استطاعت أن تصل إلى الفتاة التي ظهرت هي وصديقاتها، وكانت الفتاة في التاسعة عشر من عمرها، طالبة في السنة الأولى من الجامعة، وطلبت المشاهدة منها أن تقوم بحذف المقاطع التي يظهر فيها وجهها ووجوه من معها، وفجعت الفتاة الشابة بأنها لم تكن تعرف بذلك، كما قلت سابقاً لأنها كانت تقوم بالتصوير عبر جهاز الآيفون، وهنا لم تجد الفتاة المتهورة بداً من البكاء والنواح طويلاً أمام هذه الأخت التي كانت من ضمن المشتركين في البرنامج، وكانت تدخل إلى البرنامج لكي تتسلى وتتطلع على خبايا المشتركين من حول العالم، حيث يصبح للمتابع الأحقية بالتعليق، والتنقل من حساب إلى آخر، ومشاهدة ما يحلو له، ولك أن تتخيل البذاءة في التعليقات والشتائم، والألفاظ التي لا تخرج إلا من فئة محرومة ومسكينة وهشة، وربما فئة لا تفهم معنى أهمية الحفاظ على مستقبلها القادم، وأن تسريب مثل هذه المقاطع سوف يضرها مستقبلاً بلا شك، وسيضر أيضاً الأسرة التي أنجبت ورعت وأسدلت رخاء الثقة على أبنائها وبناتها. لكل الفتيات الصغيرات اللاتي يتلذذن بعرض المشاهد الإباحية، دون أن يعلمن مخاطر هذا البرنامج، عليهن أن يعرفن أنه بسهولة يمكن لأي شخص يتابع حساباتهن، أن يقوم بالاحتفاظ بالمشاهد المسيئة، ويقوم بنشرها عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، وأظن أن على أجهزة الرقابة في المملكة أن تقوم دون تفكير، بحظر هذا البرنامج المسيء، الذي بالتأكيد سيؤدي إلى عواقب وخيمة في الأسرة السعودية، حيث إن معظم المشتركين فيه ليسوا من الفئة الضالة فكرياً، لكنهم من الفئة المغفلة والمضحوك عليهم. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد..