لم تكن الاغتيالات التي باشرها البائد حافظ الأسد في أرض لبنان تجاه رموز لبنان انتقاما وقتيا، بل جثث تحمل رسائل نتنة مهمة طويلة الأمد. فكان رئيس التحرير والكاتب المرموق سليم الوزي ممن تجاوز عقدة الخوف وانتقد صراحة - عبر مجلته الحوادث - الطاغية الأسد وحمّله ما يحدث في لبنان، لتكون جثة المغدور اللوزي تحمل عناوين التهديد لكل صحفي يتجرأ بانتقاد الأسد وزمرته. يد يمنى محروقة بالكامل بفعل الأسيد وأقلام تتبع لرئيس التحرير الشجاع مغروسة في جسده وأكثرها في مناطق حساسة.. غير رصاصة الوداع في رأسه - رحمه الله -. أي رعب ذلك الذي أسسه المقبور ومن ثم أورثه لمن بعده من نسله الخبيث لتكون رسائل التصفيات للأعلام حاضرة.. من جبران وقصير وغيرهم..؟ ولن نتحدث عما فعله بمناوئيه السياسيين في لبنان وغيرها لأننا نحتاج إلى صفحات وليس سطورا لاستعراضها. نعم لقد استمرت الرسالة الموجهة لسليم اللوزي تصل لكل الأطياف الإعلامية في لبنان، ولم تمح أي من كلماتها حتى بعد 35 عاما، ما زالت مفهومة ومباشرة وتجاربها الحديثة حاضرة وظاهرة في القسم الإعلامي التابع لأكاديمية الاغتيالات الأسدية! الرسائل وصلت وبلغت، لكن محاولة تجنبها بطريقة بلهاء وبأي وسيلة وعبر أي اسم مهما كان حجمه وقيمته، فتلك مصيبة، وهل بعد المجد الفني والهامة العالية فيروز من تحد وضياع لوحل الحب والولاء الذي يتشدق به الوجلون.. ذلك ما لم نكن نتوقعه.. لا.. هي لم تفعل؟ بل إن ابنها الضائع زياد هو من أقحمها في وحل السياسة وقذارة المفضلين لديه.. فعل ذلك والسيدة التي اتفق على حبها الجميع بلغت ثمانين حولا.. نعم هكذا هو الأمر صادم ومربك لمن يعنيهم الأمر مباشرة، لكنه حقيقي، لأقول حسبنا أننا نعلم أن السيدة الراقية فنا وتعاملا لم تنبس ببنت شفة تجاه السياسة القذرة، لكن ابنها يريد مغنما، وهو الوجل الضائع، فكانت الأنثى المسالمة سبيله. وهل تستطيع في ظل بلد تحكمه رسائل الإعدام أن تجد سبيلا للإنكار والرفض تجاه ما لحق بها؟! كنت أتمنى كما غيري أن نكرّم اسم فيروز عن قذارة الوحل الذي أقحم اسمها فيه.. ونرفع قدرها عن المجرمين سفاكي دماء اللبنانيين والسوريين معا.. لكن "ما باليد حيلة" رعب الرسائل ما زال فاعلا.. وعليه ورغم حصار المقبور بإذن الله بشار وبوادر رحيله عن دنيانا؛ إلا أن الرسالة التي وصلت إلى سليم اللوزي ومن ثم إلى الشرفاء الآخرين، ما زال كثير من اللبنانيين يتذكرونها ويخشون أن تصلهم ولو بالخطأ، لذا لم يكن إقحام اسم فيروز من قبل ابنها إلا وسيلة اتقاء شر الرسالة عنه. رغم أن الطير الأبيض الجميل لا يريد إلا الهدوء والسكينة. ختام القول نستعيد التساؤل الحاضر دائما: من يفك أسر لبنان من الرسائل الدموية؟! الأكيد أن الكل قلق ومتوتر، لأن الخونة والعملاء يحيطون بهم كإحاطة السوار بالمعصم.. رغم تنامي الصادحين بكلمة.. لا للغدر والهيمنة السورية، لكن في ظل رسائل الاغتيالات فإن الأمر سيستمر، بل سيزداد سوءا، لتستمر لبنان بلا رأي.. بلا رئيس.. بلا مستقبل مشرق لأبنائها؟!