×
محافظة المنطقة الشرقية

المبتعثون والموت!

صورة الخبر

هل هناك فرق من حيث الكفاية والثقة والنزاهة والأمانة وحسن الأداء والالتزام والتعامل والولاء والانتماء للوظيفة بين ادارة «المطانيخ» وبين ادارة غير «المطانيخ» ؟ سؤال جوابه قد يكون أسهل بعد معرفة أن كلمة «مطنوخ» تعني هنا الشبعان أو المصاب بالتخمة من الشبع. الحقيقة أننا نعاني في مجتمعنا الإداري العربي من اعتقاد البعض أن «المطنوخ» الذي تظهر عليه آثار النعمة (الشبعان) من تجارة أو غيرها أفضل من غيره في تولي المناصب الإدارية والقيادية في المجتمع، لأنه في وضع قد يكون فيه غير محتاج لاستغلال وظيفته لأغراض شخصية، وهذا مجرد اعتقاد لا يمكن التأكد من صحته، حيث إن الواقع يؤكد أحياناً أن بعض «المطانيخ» أسوأ من غيرهم، حيث نجد أن هذا البعض علاوة على ما نلمسه من بعضهم من التعالي والغطرسة والعيش في عوالم منعزلة عن واقع وهموم عامة الناس، والاهتمام بأمورهم العائلية والشخصية الخاصة، فإنهم يعتبرون أن الوظيفة بالنسبة لهم مجرد وجاهة وجسر عبور وقناة اتصال وتواصل للمزيد من الطناخة، وبالتالي فهم يفوضون صلاحياتهم ويعتمدون على غيرهم اعتمادا كليا في أداء مهامهم الوظيفية! يمكن تقسيم «المطانيخ» الى ثلاث فئات: فئة مطانيخ قول وفعل، فئة مطانيخ لا قول ولا فعل؛ وفئة مطانيخ «على الخفيف»؛ يعني لك عليهم! وحتى لا نطلق هذه الصفات جزافا، علينا ان نتعرف على هؤلاء «المطانيخ»، فأصحاب الفئة الأولى، إذا مشوا يمشون الهوينا، وبالعادة يلبسون مشالح، وكلامهم مختصر وابتسامتهم صفراء وعيونهم تبرق او تقدح نارا وشررا، أصحاب مال وحلال وعيال. أما صفة الفئة الثانية من «المطانيخ» فأصحابها لا تقترن اقوالهم مع افعالهم وسنتعرف عليهم على عجالة، لأنهم كثيرون ولا يستحقون من يقف عندهم ويضيع وقته في الحديث عنهم. وفي الغالب أشكال هؤلاء لهم كروش ولا يحملون في جيوبهم مساويك، انما يحملون أقلاما، والجيب الاخر ممتلئ بعدة انواع من الحبوب؛ للسكر والضغط والسمنة والكلسترول وغيرها من الأدوية، والكذب والخديعة والغش والرياء والنفاق بكافة أشكاله وألوانه من صميم سلوكهم وعملهم، كما أنهم لا يعرفون الكرم؛ فأبوابهم مقفلة وعليها كاميرات للمراقبة وقد يندرج تحت هذه الفئة «مطانيخ» من الفئة الثالثة (مطانيخ على الخفيف)، وأصحاب هذه الفئة لديهم بقايا جذور «طنيخة» ما زالت حية ولكنها مكلفة بالنسبة لهم، لأن نصف دخلهم يصرفونه في الطناخة، والنصف الاخر على اسرهم، ومنهم من يسوي له في اطراف المدن استراحة، ويمكث في هذه الاستراحة من بعد الدوام الى منتصف الليل، ويتزود بالأكل والماء من المطاعم والتموينات القريبة، لهذا نجد هذا «المطنوخ» مريضا من الرطوبة والحر والغبار ووجهه (اشهب) وجسمه هزيل ؛على العكس تماما من «مطانيخ» الفئة الأولى. تتصف ادارة «المطانيخ» احياناً بالارتجالية والعشوائية والتسرع والتفرد في القرارات التي غالبا ما تبنى على رغبات وأمزجة ومرئيات آنية وشخصية غير مدروسة، معتمدين في ذلك على الثقة العمياء والصلاحيات المطلقة الممنوحة لهم وعدم الخوف من العواقب أو العقوبة، والتعامل مع هذه الفئة لا ينجح الا بالاستجداء والتودد والتلطف والترجي والترحم واللعب على وتر العواطف. هذه نبذة مختصرة عن (ادارة المطانيخ وعالم الطناخة)، وبما اننا ندرك ان لكل زمان مطانيخه، فيا ليت يكون عندنا «مطانيخ» في الطب والهندسة والإدارة والإنفاق على الفقراء والتجارة النظيفة والامانة والثقافة والأدب والوطنية والصناعة والتعليم والبحوث والتقنية بأنواعها والسياسة والاقتصاد وغيرها مما يحتاجه البلد بأكثر مما هو موجود؛ فنحن نريد مطانيخ يتفاخرون بنزاهتهم وبعملهم المميز وانتاجيتهم المبدعة وعطاءاتهم السخية التي تشيد وتنمي وتقوي وتحمي وتحفز، ولا نريد مطانيخ بشوت وسيارات وبطون متخمة ومال وحلال وعيال وأمجاد مضت مع أهلها وطوى صفحاتها التاريخ! كفى لقد أصابنا ما اصابنا من هؤلاء الذين اصبحوا «مطانيخ» ضياع وغفلة وجمع أموال لا يستفيد منهم لا المجتمع ولا الوطن بقدر ما يستفيدون هم من المجتمع ومن الوطن! نختم بالتأكيد على أنه يجب أن لا تكون «الطناخة» بأي حال من الأحوال ولا بأي شكل من الأشكال، معياراً يعتد فيه عند اسناد المناصب والتكليف بالمهام الادارية والقيادية؛ فالكفاية الإدارية والنزاهة والأمانة والإخلاص في العمل والولاء والانتماء والجدارة والقدرة وغيرها من المعايير الانسانية والأخلاقية والمهنية، لا تكتسب إلا بالتربية والتعليم والخبرة المتراكمة والتجربة الناجحة وليس «بالطناخة».