×
محافظة جازان

صاعقة رعدية تقتل رجلين

صورة الخبر

تثير اعترافات الشاب السعودي الملقب بأبي الوليد عبد الرحمن التميمي أسئلة مُرة عن أسباب ودواعي وطريقة تأثر الشبان بالأفكار الإرهابية وأساليب جذبهم، وطرائق التواصل معهم عن طريق الشبكة العنكبوتية بآلاف المعرفات المختبئة بالأسماء المزيفة من كل جنس ولون تجوب آفاق فضاء الإنترنت، وتصطاد في روحاتها وجيئاتها الطيور المغردة السهلة التي ليس لديها مناعة فكرية ولا مقاومة ولا ثقافة عميقة. أبو الوليد ذو الثمانية عشر عاما طالب المستوى الأول في الجامعة أحد أولئك الضحايا الذين تم اصطيادهم في الفضاء الطلق، حين دخل في حوارات مع من سقطوا في مستنقع الفكر الإرهابي الداعشي؛ كعبد المجيد العتيبي الملقب بصاحب الكلاش الذي قتل أواخر شهر رمضان المنصرم. هكذا تم استدراج « عبد الرحمن « بتزيين الأفكار الإرهابية وإلباسها لبوس الدفاع عن الإسلام والجهاد في سبيل الله والذب عن ديار المسلمين ومحاربة الكفار، والانتقام من الطوائف التي تعادي المسلمين كما تصور ذلك الأفكار الداعشية؛ ولأن هذا الشاب ذا الثمانية عشر ربيعا وأمثاله فوار العاطفة متأجج المشاعر متألما مما يحصل من ضيم ومظالم على العرب والمسلمين، كان عظيم التأثر سريع الاستجابة لما أثارته في وجدانه المعرفات المتطرفة التي تداخل معها في الحوار، ولم يكن الأمر صعبا ولا الانضمام إلى الجماعات التي تقاتل من أجل المبادئ التي سمع عنها أو قرأها في حواراته عبر النت مستحيلا، وبخاصة أن الجماعات المقاتلة قد كونت لها إمارة إسلامية وسط جحافل من أعدائها، ثم توسعت في ذلك وكبرت طموحاتها فغزت وتمددت وانتصرت في دولتين مضطربتين هما سورية والعراق، وأطلقت على نفسها خلافة؛ واسم الخلافة في الوجدان العربي والإسلامي له رنين خاص، فهو يعود بهذا الشاب ومن على شاكلته من متأججي العواطف إلى تلك الحقب التاريخية المنصرمة التي امتدت فيها حدود الدولة الإسلامية من أقصى الشرق حيث خراسان وإيران والهند والسند وإلى أقصى الغرب حيث بلاد الإسبان، ومن أقصى الشمال حيث بلاد الرومان إلى أقصى الجنوب؛ فَلِمَ لا ينفر عبد الرحمن كما نفر غيره من آلاف الشبان لإعادة ذلك المجد الغابر التليد من جديد ؟! هذه هي الأفكار الحالمة المتفائلة التي داعبت خيالات هذا الشاب؛ فوجد نفسه عجينة لينة أمام محاوره صاحب الكلاش الذي يسر وسهل له الأمر ودله على طريقة الهروب من ديار الكفر - كما يزعم - إلى ديار الإسلام! ولنبدأ معه حسب اعترافاته خطوة خطوة؛ فقد انطلق في الثالث والعشرين من رمضان سرا ودون علم أسرته من الرياض إلى الكويت ثم إلى تركيا دون أن يشك في أمره أحد، حيث لم يكن له تاريخ سابق، ولم يكن ثمة شك أيضاً في الوجهة الأولى التي انطلق إليها من الرياض وهي الكويت، وهناك في تركيا ابتدأ الشغل الحقيقي معه لنزعه من تاريخه القديم وإدخاله إلى تاريخ جديد عليه كل الجدة، وكأنه ولد لساعته؛ فقد منح لقبا جديدا يزهو به، ووثيقة جديدة، وبيعة جديدة، وقبل ذلك وبعده وهو الأهم منح إسلاما جديدا لا يعرفه من قبل ولم يسمع به إلا في الحوارات التي كانت تتم على النت، وها هو الآن يبدأ خطوته الأولى في عمره الجديد المغامر الذي أنسى أن له عمرا سابقا عاشه بين أهله وأسرته ومجتمعه ودولته نيف على ثمانية عشر عاما، وعليه أن يتخلى عنه بكل الرضا والاستسلام! منح لقبا جديدا لا يعرف إلا به؛ وهو « أبو الوليد الجزراوي « وأخذ منه جوازه وأخفي أو أحرق ليضمن التنظيم استحالة عودته إلى بلاده، ثم أدخل في دورات فكرية وعسكرية هي بمثابة غسيل مخ يشرف عليها عتاولة التكفيريين من عرب وعجم، ليتخرج بعد شهرين وهو لا يعترف بأن له ماضيا ينتسب له؛ بل حاضر تكفيري يؤمن ويزهو به، هكذا تم غسيل مخه ثم زج به إلى جبهة القتال! كم هو مدمر وقاتل هذا النت!