فاصلة: (من يتمتع بجمال النفس ليس مزعجاً لا بالنسبة إلى نفسه، ولا بالنسبة إلى الآخرين) - حكمة عالمية * * * في ثقافتنا المجتمعية تقف المبادرة عائقاً في استقرار أي علاقة نعيشها مع الآخر، حيث نفهم المبادرة بشكل مختلف عن معناها الحقيقي. المبادرة هي أن تقوم بسلوك إيجابي نيتك منه الخير، ولا تنتظر عليه ردة فعل معينة من الطرف الآخر. لكننا نشوّه المبادرة حين نفعلها وننتظر التقدير من الآخر، ونشوهها أكثر حين نغضب لأن الآخر لم يثمِّن هذه المبادرة ولم يتبعها بسلوك إيجابي. لطالما تأملت قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (34) سورة فصلت. وقد كنت أُبادر كثيراً في علاقاتي الإنسانية دون نتيجة إيجابية حتى أدركت عمق معنى الآية ومفهوم المبادرة في العطاء غير المشروط. وهذا لا بحدث بسهولة قبل أن ننوي العيش بسلام داخلي مع أنفسنا قبل أن نعيشه في علاقاتنا، والبداية أن نلغي برمجتنا السابقة عن قناعاتنا في مفهوم العلاقة مع الآخر. ماذا نريد من هذه العلاقة؟ ما الذي تحققه لنا؟ ثم ننوي العطاء بدون شروط.. هكذا يكون الدفع بالتي هي أحسن.. أن نكون مسؤولين عن دورنا في العلاقة دون الحكم على الآخر.. دون تقييمنا لدوره أو عطائه.. حينما نصل إلى هذه المرحلة من الوعي سوف يكون العدو ولياً حميماً.. وسوف يكون الآخر في علاقته بنا كما نريد.. لن ألقي باللوم على ثقافتنا وقناعاتنا السلبية تجاه الحب والعطاء وتركيزنا على إرضاء الأنا.. لن ألوم أحداً.. يكفي أن نعي أن الله منحنا نعمة عظيمة، حينما جعل حياتنا تسير وفق مسؤوليتنا عن تحقيق ما نريد.. وأمامنا الخيار أن نحياها في ظل تفاعل حقيقي في علاقاتنا مع من حولنا، أو نظل أسرى لقيم تقليدية لا تمنحنا شيئاً سوى القلق في تشكيل علاقاتنا واستقرارها.