×
محافظة المنطقة الشرقية

متهم القطيف المحكوم عليه اليوم ليس نمر النمر

صورة الخبر

استيقظت الجمعة الماضية على رسالة نصية من أحد الأصدقاء أرسلت عبر الـ«واتساب» يستجدي فيها جميع من تصله الرسالة بالتبرع بالدم لابنته، التي تعاني من نزيف ونقص حاد في الصفائح الدموية، ولا غريب في الأمر، فهذا النوع من الرسائل التي تستجدي التبرع بالدم لإنقاذ حياة أحد المرضى بات من المعتاد مشاهدتها يوميا، خاصة مع التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية التي ساهمت بفاعلية في إيصال هذه الرسائل في زمن قياسي لأكبر قدر من البشر، بما فيهم أولئك المسؤولين في وزارة الصحة، الذين دأبوا على إنكار الادعاءات بأن لدينا نقصا في مخزون بنوك الدم في مناطق المملكة، وأن هذه الإشاعات مصدرها جهات غير مطلعة على بيانات وإحصائيات خدمات نقل الدم في المملكة!! وفي الحقيقة، لا يمكن إيجاد إحصائيات دورية دقيقة عن حجم مخزون بنوك الدم السعودية التابعة لوزارة الصحة، في ظل عدم تطبيق مشروع الربط الإلكتروني المتكامل لبنوك الدم، وهو التوجه الذي نسمع عنه على لسان مسؤولي الصحة للسنة الثالثة على التوالي، وقد قرأت في صحيفة الوطن بتاريخ 15 مايو 2012 تصريحا لأحد المسؤولين في الصحة -لم يذكر اسمه- أن بنوك الدم التابعة لوزارة الصحة والتي تعادل ثلث بنوك الدم في المملكة لا يوجد بها ربط إلكتروني، وآخر المستجدات في هذه المسألة، هو تصريح لأحد المسؤولين في الصحة -لم يذكر اسمه أيضا- بتاريخ 28 مارس الماضي (قبل ستة أشهر) بأنه يجري العمل حاليا في مشروع يستغرق حوالي 10 أشهر بهدف الربط بين بنوك الدم في المنطقة الشرقية وهي الدمام والأحساء وحفر الباطن -أي تبقى منها 4 أشهر- ولفت المسؤول حينها إلى أن هذه التجربة سيتم تقييمها أولا ثم يتم بعد ذلك تعميمها على جميع مناطق المملكة. وبالتأكيد أن الانتهاء من تطوير منظومة إلكترونية متكاملة تربط بين جميع بنوك الدم الوطنية سوف يكشف عن مستويات مخزون الدم حسب الفصائل في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، ويوفر جميع الإحصائيات المطلوبة باليوم والساعة والدقيقة، ويسهل من توجيه الحالات المرضية بشكل سريع لجلب الكميات المطلوبة مما يحفظ أرواح الكثيرين ويخفف عن ذويهم عناء البحث والسؤال، وإنجاز هذا المشروع ليس بالمعجزة في ظل تطور الأنظمة البرمجية. ولكن مسألة الربط الإلكتروني لبنوك الدم ليست المعضلة الوحيدة في قضية توفير كميات الدم للمرضى المحتاجين، بل هناك أيضا قضايا أخرى، ومنها قضية رفض بعض المستشفيات الكبرى التابعة لقطاعات أخرى في الدولة عمليات نقل الدم من بنوك الدم التابعة لوزارة الصحة، وذلك بحجة أن لديها معايير مختلفة في اختبارات الدم، وهذه المستشفيات تطبق اختباراً إضافياً على عينات التبرع لا تجريه مختبرات الصحة، وذلك بحسب إفادات حصلت عليها من مختبرات هذه المستشفيات. وأيضا قضية محدودية ثقافة التبرع بالدم وعدم الإقبال بشكل كاف على التبرع، وبالرغم من أن وزارة الصحة تجتهد في توفير مركبات متنقلة لجمع تبرعات الدم، وإعداد برامج للتوعية بأهمية التبرع، إلا أن هذا لا يكفي، طالما أن المعاناة موجودة وملموسة، وبالتالي نحن بحاجة ماسة للاستفادة من تجارب الدول الأخرى والاستمرار في ابتكار الحلول، وأذكر في هذا الشأن، أن إحدى الدول التي عانت من نقص في مخزون بنوك الدم، قامت باستحداث نظام يسمح للأفراد الأصحاء بفتح حسابات شخصية لهم في بنك الدم، بحيث يبني الفرد رصيده الشخصي بالتبرع الدوري، وتكون له ميزة الأولوية في الحصول المباشر على الدم بحد يساوي المقدار المتبرع به في حال تطلب ذلك في المستقبل، لا قدر الله، بالإضافة إلى التجربة الألمانية التي ابتكرت إجراءات احترازية رشدت من عمليات نقل الدم ساهمت في توازن حجم مخزون بنوك الدم لديها بشكل تام. ولذلك، بالتأكيد هناك حلول ناجعة في قضية معالجة نقص مخزون بنوك الدم، ومنها ما ذكر في حيز المقال، وما يمكن أن يفيد به المختصين أيضا، ولكن تظل الحلول معلقة ومعاناة المواطنين مستمرة طالما لا يقر مسؤولو بنوك الدم بوجود المشكلة والتهرب باستمرار من مواجهة الإعلام. وإذا كانت «الحقائق العالمية» تشير إلى أن نقص مخزون بنوك الدم مشكلة عالمية، وأن واحدا من كل عشرة مرضى يدخلون المستشفى في حاجة إلى نقل الدم، فلماذا ننكر هذه القضية على أنفسنا؟! «أعظم تقدير للحقيقة هو استخدامها» – رالف والدو إمرسون ktashkandi@okaz.com.sa