كبير المهندسين في شركة جوجل رآي كرزويل صرح مؤخراً بإمكانية تحميل أدمغتنا على النت في المستقبل القريب.. لم يفاجئ أحداً كونه من أبرز الشخصيات التي تؤمن بإمكانية نسخ ذكرياتنا وتحميل أفكارنا على الكمبيوتر أو الشبكة خلال العشرين عاماً القادمة بل ولديه كتاب كامل بهذا المعنى يدعى “The Singularity Is Near” يمكنك مشاهدته في أمازون... فذكرياتنا وخبراتنا بمثابة نبضات كهروعصبية يمكن رصدها بطريقة الكترونية (كما في أجهزة التصوير المغناطيسي والرصد الكهربائي لنشاط الدماغ).. ومجرد وصولنا إلى هذا الإنجاز يجعل الخطوة القادمة هي تسجيل واستنساخ هذه النبضات وإعادة ترجمتها كأفكار ومشاعر.. وبهذه الطريقة يمكن كما يفترض رآي ضمان خلود الإنسان ليس من خلال جسده، بل من خلال الحفاظ على أفكاره وخبراته ونقلها إلى غيره من البشر عبر الشبكة ووسائل تخزين البيانات... وأفكار كهذه قد تكون أكثر مما نتوقع وأكبر مما نتصور، ولكن الحقيقة هي أن معارفنا الحالية تشكل أرضية مناسبة لإنجاز هذا الحلم العظيم.. فأجهزة الرصد الكهرومغناطيسي الموجودة حالياً في المستشفيات وتحديد العلماء لمراكز الشعور والذاكرة في الدماغ؛ يشكلان بداية الطريق نحو هذا الإنجاز.. وفي المستقبل القريب يصبح استنساخ المعارف البشرية (المخزنة في الذاكرة البشرية) أشبة بطرق تخزينها اليوم على أقراص الكمبيوتر أو تحميلها على الإنترنت. وبعد خمسين سنة من الآن لك أن تتصور إلغاء المدارس والجامعات التقليدية واستبدالها بمراكز استنساخ متخصصة تلقن الطلاب المعارف المطلوبة بطريقة الكترونية خلال ساعة أو ساعتين.. وهكذا لا يلزم (طالب العلم) سوى تحديد التخصص الذي يرغب في استيعابه ثم التوجه لقاعة التلقين المُخصصة.. وحين يدلف للغرفة يفاجأ بوجود أشخاص قبله طلبوا ذات التخصص وقد شبكت برؤوسهم أسلاك متصلة بجهاز مليء بالأزارير وأسطوانات التسجيل.. وما هي إلا دقائق حتى يستغرق الجميع في حالة "تنويم مغناطيسي" وتبدأ نبضات كهربائية مضغوطة بالتدفق إلى مراكز الذاكرة لديهم.. وحين تنتهي العملية يذهب الجميع لمبنى السكرتارية لاستلام شهادات التخصص!! من الطبيعي أن يبتسم البعض وينظر للموضوع كنوع من الخيال العلمي؛ ولكن المعطيات التي نملكها اليوم تجعل فرضية كرزويل أقرب للحقيقة والتطبيق من فرضية نقل الصورة عبر الأثير (قبل عام 1922) أو حتى خروج الصوت من آلة صماء قبل اختراع أديسون للفونغراف أو مسجل الصوت عام 1877!! وبمناسبة ذِكر أديسون.. حين عرض اختراعه لأول مرة في البيت الأبيض بلغ الذهول بالرئيس الأمريكي حد الدخول لإيقاظ زوجته المريضة وإخبارها أن أديسون اخترع شيئاً يشبة السحر.. وحين وصل اختراعه إلى السعودية بعد سبعين عاماً وقف في وجهه من رأى أنه سحر بالفعل (أو مضاهاة لخلق الله الذي أنطق كل شيء) في حين أصبح اليوم مقبولاً ولا يثير ذهول أحد! الحالمون أيها السادة هم من يرون المستقبل...