أكد مسؤول حكومي بريطاني سعي بلاده الحثيث لتعزيز العلاقات التجارية بين الرياض ولندن، وقال، إن عددا من الشركات البريطانية تنوي في شراكة مع مستثمرين في جدة والرياض ومكة لتنفيذ مشاريع النقل ومشروع برج المملكة التجاري في جدة، الذي سيكون أطول برج تجاري في العالم. وقال السير إيدوارد ليستر، نائب عمدة لندن للسياسة والتخطيط، إن العاصمة البريطانية تبحث عن فرص استثمارية جديدة متبادلة، إِذ إن جدة والرياض تمران بالمراحل نفسها التي تمر بها لندن الآن من حيث كثافة مشاريع البنية التحتية وبناء مشاريع النقل العملاقة، وهذا يشكل فرصة مهمة لتبادل الخبرات والمعلومات بين لندن ومدن المملكة. جاء هذا في حديث صحافي لـ"الاقتصادية" على هامش زيارة نائب عمدة لندن لجدة في الأسبوع الماضي للترويج لعدة مشاريع استثمارية مشتركة بين الرياض ولندن. وقال ليستر "اجتمعنا بأمين الرياض وأمين جدة وأمين العاصمة المقدسة، وبعدد من رجال الأعمال الذين يبحثون عن فرص استثمارية في لندن، من أجل معرفة الفرص الاستثمارية التي تزخر بها السعودية وتسهيل الشراكات بين البلدين". وتابع، أنه ناقش مع عدد من المسؤولين السعوديين كيفية تعزيز التعاون الثنائي مؤكدا أن نظام الاستثمار الأجنبي السعودي يحفز على الاستثمارات الأجنبية ويدفع على تدفق رؤوس الأموال الخارجية التي تبحث عن الفرص المتاحة، خاصة في المناخات الاقتصادية المستقرة. وأقر بمواجهة بعض رجال الأعمال السعوديين الذين يرغبون بدء شركات تجارية في لندن تحديات عديدة مثل معدلات الضرائب المرتفعة وأمور أخرى تتعلق بنقل الأموال وغيره. وقال "نعم الضرائب عالية جدا في لندن، إِذ إننا كأحد أكبر 20 دولة اقتصاد في العالم، ولكل دولة نظام الضرائب الخاص بها، ونحن في بريطانيا نسبة الضرائب الشخصية عالية جدا تصل لـ44 في المائة، وهو ليس ببعيد عن حجم الضرائب في دول أوروبا وأمريكا". وتابع "عملنا على تخفيض الضرائب على المعاملات لتصبح 20 في المائة، وسنعمل على تخفيضه في المستقبل لأن ذلك يصب في مصلحة الاقتصاد البريطاني". وبلغ عدد السعوديين الذين زاروا لندن منذ بداية العام الحالي 450 ألف سعودي، فيما بلغ عددهم في العام الماضي كاملا 420 ألفا، ما يشير لزيادة ملحوظة في أعداد الزائرين كما يقول المسؤول البريطاني. وأضاف "متوقع أن يتجاوز إجمالي أعداد الزائرين السعوديين بنهاية العام الجاري 500 ألف زائر". وحول الوفود التجارية السعودية التي زارت لندن أخيرا ذكر أن عددا منهم يأتون لندن سنويا بشكل فردي أو رسمي، للبحث عن فرص استثمارية واعدة في مجالات التكنولوجيا والنواحي العمرانية والبنى التحتية. وحول عدد السعوديين الذين يمتلكون مساكن وعقارات في لندن أشار إلى عدم وجود إحصاءات دقيقة حتى الآن، إلا أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى امتلاك الأجانب ومنهم العرب 4 في المائة من سوق عقارات لندن. وأبدى إيدوارد ليستر إعجابا "بالتطور المذهل والسريع الذي تشهده المملكة من الناحية العمرانية، ما يجعل فرص التعاون بين البلدين في المقاولات والبنى التحتية أمرا نشطا بين البلدين". وأضاف "الشركات في لندن تتمتع بخبرة طويلة وواسعة في مجال البناء والتصاميم العمرانية، كما أن العاصمة البريطانية تبحث أيضا عن المقاولين السعوديين لتنفيذ مشاريع مهمة فيها". وذكر أن طرق نقل المعرفة بين لندن والسعودية "لا تسير في اتجاه واحد بل في اتجاهين، فالشركات السعودية تستطيع خدمة لندن في أعمال التطوير والبناء، ولندن تستطيع عقد شراكات لنقل الخبرة وتكنولوجيا البناء". وقال نائب عمدة لندن، "نحن نبنى المدن منذ قدم التاريخ ولدينا مهندسون واستشاريون أصحاب خبرة طويلة، ونبحث عن الشركات السعودية الناجحة لتنفيذ مشاريع في لندن، وتنمية استثماراتها، كما أن الشركات البريطانية تستطيع العمل في السعودية، لأن نجاح الخبرة اللندنية في السعودية نجاح أيضا في لندن". ووصف حالة الاقتصاد السعودي بالمتانة والاستقرار "الذي يتكئ على نظام مالي قوي ومستقر ساهم في تخطيه تبعات الأزمة المالية العالمية، ما يجعله يمضي قدما استنادا إلى نظام مصرفي عميق الجذور حقق له التميز بين الاقتصاديات الإقليمية والعالمية". وحول فرص استثمارات الصيرفة الإسلامية في لندن قال "إيدوارد ليستر"، إنها حققت معدلات نمو عالية، ويبلغ حجم الاستثمار فيها حاليا ملياري جنيه إسترليني، لكنه أشار إلى وجود مصاعب في أداء النشاط ليكون متوافقا مع النظام المصرفي في بريطانيا. وقال "لندن باعتبارها عاصمة عالمية للاقتصاد تفتح أبوابها لطرق وأنواع الاستثمار الجديدة بما فيها النموذج الإسلامي، إِذ إن المنتجات الإسلامية على سبيل المثال تحظى بانتشار واسع وسمعة طيبة وقبول من السكان". وتشير الإحصاءات إلى استحواذ نشاط الصيرفة الإسلامية على 200 مليار جنيه استرليني حول العالم، 19 مليارا منها موجودة في بريطانيا بنسبة 5 في المائة كما ذكر نائب عمدة لندن. وتحدث عن عوامل تجعل لندن محط أنظار المستثمرين أولها الموقع الجغرافي المهم بين دول أوروبا وقربها من الولايات المتحدة، ما يجعلها العاصمة الأوروبية المثالية للاقتصاد. وأشار أيضا إلى اللغة الإنجليزية المستخدمة في لندن ويجيدها أغلب المستثمرين العرب، إضافة إلى القوانين والأحكام البريطانية الصارمة التي تحمي الاستثمارات الأجنبية هناك، إضافة إلى التقارب السعودي -البريطاني.