ليس أسوأ من العنف الأسري إلا العنف المدرسي، حين تطفو العُقَد النفسية على مستنقع الجُبن، ويُصبح المشهد كما لو كان مُمنْتَجًا وليس في حرم مدرسي، حين لا يجد المعلم وسيلة للتربية إلا استلال السوط، ليهوي به بكل حقد على جسد تلميذه، حين تسمع صوت السياط وسط صمت المرعوبين وإذلال المعتدى عليه وتوسلاته؛ لا تجد صدى ولا تُصادف في صدر الجاني قلبًا بشريًا نابضًا بعاطفة أبوية، أو استشعار لمسؤولية، حين يحدث هذا ويتكرر مرارًا اقرأ على هيبة المؤسسة التعليمية السلام، وودّع هيبة المعلم ووارها الثرى، ماذا ينتظر المعلم (المجرم) من الطالب المستضعف المُهان الذي اعتدى عليه بالضرب والإهانة؟! أن يُقبِّل رأسه أو يسترضيه بهاتف خلوي فاخر؟! لن يفعل إلا ما يشعر أنه يشفي غليله، سيحرق سيارة المعلم (العربجي) أو يعتدي عليه بطعنة مفاجئة حين يتنامى الشعور بالذل وسط تأجيج الزملاء وتعليقاتهم الشامتة. فلنتخيّل العلاقة بين المعلم (تأبط سوطًا) وطلابه، ولنختزلها بالتلميذ البطل الذي وثَّق الجريمة ونبّه الوزارة لها، ولنتأمَّل دوافعه للتصوير، ولنبحث في نفسه عن أي عاطفة تجاه المعلم أو احترام أو توقير، لن نجد مطلقا! لن ندّعي المثالية ولن نتظاهر بالحكمة، مشهد رجل بسوط يضرب رجلًا أعزل ويذله، يجعلنا نتمنى أن يتبادلا المواضع، حين شاهدت المعلم الذي نسبته مصادر صحفية لمنطقة مكة التعليمية تمنّيت لو أن الطالب الذي كانت قامته بنفس قامة المعلم، انتصر لرجولته وكرامته وسحب سوط المعلم فإن شاء رد السوط بسوط أو على الأقل منعه من ضربه، وتمنيت لو أن الطلاب قاموا بموقف لمنع المعلم من ممارسة جبنه والتنفيس عن عُقَده. منعت وزارة التربية والتعليم الضرب ولا يزال بعض المعلمين المرضى النفسيين يستهينون بالنظام ويتلذذون بممارسة العنف ضد الطلاب، ما يجعل الوزارة بحاجة حقيقية لمراجعة لوائح العقوبات التي عفا عليها الزمن، وأصبح تحديثها وفقًا للمستجدات ضروريًا، اليوم لدينا خرّيجون يتمنون الوظيفة ويتهجدون لأجلها، وبالمقابل لدينا معلمون تبطّروا على نعمة الأمن الوظيفي وتمرّدوا على النظام انتصارًا لأهوائهم، وتنفيسًا عن عُقَدهم أو ضغوط أسرهم بالعنصر الأضعف الذي تسميه وزارة التربية (محور العملية التربوية)؛ ما يعكس الخلل الكبير بين مفهوم الوزارة للطالب ومفهومه لدى المعلمين المعتدين، ولكي تتكامل الأدوار ويجوّد الناتج لابد من توافق المفهوم بين الوزارة وميدانها، ولكي يحدث هذا على الوزارة تطهير الحرم المدرسي من المجرمين والمرضى النفسيين واستبدالهم بالخريجين المتلهفين على الوظائف، انتصارًا للعدالة وتساوي الفرص وحماية لمحور عملياتها وحفظًا لهيبة المعلم وسمو رسالة التعليم، افصلوا المصارعين هواة العنف وأريحونا من هذه المشاهد المسيئة للإنسانية، الموجعة للضمائر، والمشوهة لصورة التعليم في المملكة. من ناحية أخرى منعت الوزارة التصوير داخل المدارس، وحين يُطبَّق المنع لا ندري ما مصير المُعنَّفين في الفصول، وهل ستجد الوزارة أنها بحاجة لأن تُنشئ في كل مدرسة غرفة مراقبة، وأن تزوّد الفصول بكاميرات تنقل الأحداث للإدارة وتوثِّق التجاوزات، وربما تجد أنها بحاجة للتوثيق صوتًا وصورة لتحمي الطلاب من تسميم الأفكار بالمرة. @511_QaharYazeed lolo.alamro@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (71) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain