تشنّ القنوات الإعلامية السورية عشرات الحملات الإعلامية المضادة للسعودية بحجّة أن السعودية تتدخل ضد مصالح الشعب السوري. ويشنون حملات على الأميرين سعود الفيصل وزير الخارجية، وبندر بن سلطان رئيس الاستخبارات العامة، يظنّون أن السعودية تتدخل سياسياً بينما هي تتدخل إنسانياً قبل كل شيء، ولو استعدنا خطاب الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود منذ بدء الأزمة السورية وإلى اليوم لرأينا أنها خطابات باتجاه الإنسان أولاً، الإنسان السوري الذي يباد من قبل الأنظمة الإيرانية والسورية والروسية معاً، ووراءهم قوى إقليمية في العراق وسواه. حين تحدث الفيصل أيضاً كان يعني الإنسان السوري، ومواجهة النظام الباغي هو جزء من الانتصار للإنسان السوري قبل كل شيء. قال الفيصل في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري نبيل فهمي قبل أيام إنه:"آن الأوان بمناسبة انعقاد مجلس الجامعة أن نوضح ونطالب مع السوريين وممثليهم الشرعيين الذين اعترفنا بهم في الجامعة والذين يطلبون من المجتمع الدولي أن يساعدهم بالطريقة المطلوبة لإيقاف النزيف الدموي، أن نؤيدهم في ذلك ولا نكتفي بالشجب والإدانة" يعلم النظام السوري أن السعودية لم تكن ضد أحدٍ لأنها تريد أن تكون ضده، بل إن مواقف السعودية ذات أبعاد أخلاقية وإنسانية، فليس لها في سورية أي مصلحةٍ أو أي طموحٍ للنفوذ. في الثمانينيات وعلى عهد حافظ الأسد حين حوصرت سورية اقتصادياً من الولايات المتحدة كانت السعودية هي التي دعمت سورية عن طريق دعمها لليرة السورية أو شراء احتياطي العملة الصعبة وضخها في دورة الاقتصاد السوري، هذا الموقف ينسجم تماماً وموقف السعودية الحالي من النظام السوري، لأن كلا النموذجين يعبران عن وقوف السعودية مع الإنسان السوري فهو الثابت، أما النظام الذي يقتل شعبه فليس جديراً بالتضامن معه. وقوف السعودية مع الشعب السوري حالياً عن طريق التصريح المدوي والتاريخي لسعود الفيصل الذي وضع الأسد ونظامه أمام الله، وأمام المسؤولية الأخلاقية والشيم العربية، ففي الوقت الذي يدافع فيه وليد المعلم عن القتل في سورية نكتفي بإعادة سؤال الفيصل المهم:"هل من شيم العروبة أن يقتل الحاكم شعبه؟" هذا الكلام يبين أن المسألة السورية بالنسبة للسعوديين ليست للنفوذ لمجرد النفوذ، بل هي تقيم جسراً إنسانياً من أجل عبور المجتمع من محيط الأزمات المتلاطم إلى بر الأمان والمصالحة. كانت السعودية منذ البدء مع الحل السياسي بين السوريين، لكن النظام هو الذي صعّد ضد الأطفال قبل النساء والرجال، وهذه هي المشكلة الكبرى أن النظام بدأ عسكرياً ويريد أن ينهي الحل عسكرياً. والضربة حتى وإن لم تحل فسيواجه النظام أيضاً صعوبات مستقبلية. بنهاية المطاف السعودية ليست طامعة، بل تمارس سياساتها ومسؤوليتها الأخلاقية بوصفها قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم.