في وقت لم تؤد المفاوضات بين الحكومة والمتمردين الحوثيين إلى أي اتفاق حتى الآن، احتشد ظهر أمس ملايين من اليمنيين المعارضين لتصرفات ميلشيات الحوثيين، في الميادين والساحات العامة في صنعاء وعموم المحافظات، لأداء صلاة جمعة أطلقوا عليها اسم ""اصطفاف لأجل السلام""، تأكيداً للرفض الشعبي للحروب والفتن، لممارسات الحوثيين العدوانية. وفي وسط العاصمة، دعا انصار النظام الذين تجمعوا بكثافة في جادة الستين قرب مقر الرئيس هادي، الى خروج الميليشيات المسلحة من العاصمة صنعاء، قبل ان يتفرقوا من دون وقوع حوادث. فيما استمر الحوثيون في ثنكات المخيمات المسلحة. وأثنى خطباء الجوامع على المساعي المبذولة لوأد الفتنة، والخروج باليمن إلى بر الأمان، وإنقاذه من "شرور المخططات التي تسعى إلى جر البلاد إلى أتون الفوضى وإراقة الدماء". وحث الخطباء على ضرورة تعزيز روح الأخوة، والوحدة، والاصطفاف، وعلى مزيد من الصبر والحكمة والتأني التي ينتج عنها وحدة الصف وحقن الدماء، والسعي الجاد والحثيث لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة. وحذر الخطباء من خطورة الاعتداء على المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة وأنابيب النفط وأبراج الكهرباء. وعلى صعيد المفاوضات، تواصل السلطة محادثاتها مع ممثلي ميلشيات المتمردين الحوثيين ولم يجر التوصل إلى أي اتفاق حتى أمس للخروج من الازمة التي تشل العاصمة منذ ثلاثة اسابيع، كما افاد مصدر مقرب من المفاوضين. ولا يزال ابرام اتفاق -قيل يوم الخميس إنه كان وشيكاً- قيد البحث بين مفاوضين يمثلون السلطة برئاسة عبد الكريم الارياني مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومفاوضي حركة التمرد بقيادة مهدي المشاط من مكتب زعيم ميلشيا ما تسمى "انصار الله" عبد الملك الحوثي، بحسب الطرفين. ونقلت وكالة فرانس برس الفرنسية عن مصدر مقرب من المفاوضين ان "المفاوضات تواصلت حتى وقت متأخر ليل الخميس الجمعة وتم احراز تقدم" ولم يعط تفاصيل. ويروج الحوثيون أن المفاوضات تتناول تسمية رئيس وزراء جديد في غضون 48 ساعة وخفض جديد لأسعار الوقود، وهما مطلبان للحوثيين اتخذوهما ستاراً لتصعيد الاضطرابات في اليمن. ويهدف الحوثيون إلى تحقيق مطالب أخرى لم يفصحوا عنها ليس بينها رئيس الوزراء ولا الأسعار. وفي الأسبوع الماضي سربت مصادر يمنية أن الحوثيين طلبوا من حكومة الرئيس هادي منحهم منفذا إلى البحر في تشكيل الأقاليم الجديدة، لينهوا اعتصاماتهم المسلحة وتهديداتهم للعاصمة، ليضمنوا نفوذا في الدولة الاتحادية المقبلة التي ستتكون من ستة أقاليم طبقاً لقرار لجنة حوار وطني في 10 فبراير الماضي. وغضب الحوثيون حينما علموا أن إقليم صعدة الذي تسيطر عليه ميلشياتهم ويأملون أن يكون دولة مستقلة في المستقبل، سيكون إقليمياً داخلياً بلا أي منافذ إلى البحر. ومنذ ذلك الوقت بدأ الحوثيون يشنون هجمات عسكرية على مناطق مجاورة لهم ويحتلون في سبيل توسيع إقليم صعدة وللضغط على الحكومة لمنحهم منفذا إلى البحر ليمكنهم التواصل بحرية مع طهران وتلقي الأسلحة من قوات الحرس الثوري الإيرانية التي ترعى الحوثيين وتدربهم وتحرضهم على تصعيد الاضطرابات في اليمن. وتطالب السلطة الحوثيين بتفكيك مخيماتهم المسلحة المقامة منذ 18 اب/اغسطس في العاصمة ومحيطها. ويحتل المتمردون ابرز محاور الطرق التي تربط صنعاء ببقية مناطق البلاد. ونقلت الوكالة الفرنسية عن مسؤول في ميلشيات المتمردين قوله: "السلطة تريد تفكيك المخيمات فور تعيين رئيس وزراء، لكن ذلك -بالنسبة لنا- يتم بعد تشكيل حكومة جديدة". وبحسب المصدر المقرب من المفاوضين اضاف المتمردون -في مراوغة واضحة- مطلباً جديداً هو اعتذار السلطة عن مقتل ثمانية من أعضاء التمرد يوم الثلاثاء اثناء صد الشرطة محاولة هجوم على مقر الحكومة، بحسب المصدر المقرب من المفاوضين. أسس سليمة على صعيد آخر، دعا سعد الدين بن طالب وزير التجارة والصناعة اليمني الى تفعيل المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني باليمن، لبناء الدولة الاتحادية على أسس سليمة. وفي كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ94 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي التي عقدت أمس، بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية على المستوى الوزاري برئاسة اليمن، كشف الوزير عن تعرض اليمن لخسائر اقتصادية ضخمة قدرت، خلال العام 2011، بحوالي 10.5 مليار دولار، بما يمثل نسبة 33% من حجم الناتج الاجمالي. ولفت الى أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد اليمني استمرت على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، بسبب أعمال التخريب التي تتعرض لها أنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء، بالاضافة الى اللجوء لاستيراد 60% من احتياجات اليمن من المشتقات النفطية بسبب نقص النفط الخام في المصافي اليمنية.