يبدو في الأفق محاولة تشكيل تحالف عسكري دولي جديد بالمنطقة لتصحيح وضع مستجد، مما يذكرنا بتحالف سابق له، ربما بنفس الأعضاء لإخراج صدام حسين من الكويت، وعدة تحالفات أخرى كما حدث في ليبيا مؤخرا وغيرها من دول المنطقة. هذا التجمع الدولي، حسب ما أعلن في اجتماع جدة الخميس الماضي، أنشئ لمحاربة الشيطان المتمثل في داعش وتوابعه المنتشرة بالمنطقة، وأتى استجابة لما كانت تدعو له دولتنا على لسان خادم الحرمين الشريفين للوقوف جماعيا بحزم ضد الإرهاب. ولعلنا من باب التفاؤل نقول إنه قد تم تعريف محدد للإرهاب، أو ربما أنهم قد ارتضوا تعريفا مبدئيا له بحصره في داعش وتوابعه، ولن أشغلكم بأسئلة عن أسباب انتشار الإرهاب في المنطقة مما يولد أوضاعا تستوجب التصحيح، ولا كيف ظهرت ونمت، أسئلة كهذه، برغم أهميتها لفهم ما يحدث، إلا أنها تبدو ترفا فكريا لا تتحمله خطورة اللحظة. بيد أن أسئلة ملحة أخرى تفرض نفسها، كيف حصل تنظيم داعش على أسلحة متطورة لم تكن موجودة لدى جيوش الدول التي حاربها، آخر الأخبار تقول إنه يمتلك طائرات بدون طيار؟ من يمول هذا التنظيم ومن يشتري نفطه من الآبار التي استولى عليها؟ من أين جاء رؤساء هذا التنظيم؟. سأقفز فوق كل علامات الاستفهام هذه لأسأل: حرب كهذه تستلزم قوات أرضية فمن سيقدمها، وهل ستكتفي أمريكا بمركز القيادة والضرب عن بعد، كيف نثق بقيادة فشلت في محاربة الإرهاب، تنظيم القاعدة الذي حاربته أمريكا منذ زمن مازال قائما وفاعلا في دول عدة من مالي إلى الصومال إلى اليمن، حركة طالبان مازالت فاعلة في باكستان وأفغانستان. كيف نثق في قيادة لم تحدد هدفها الاستراتيجي من هذه الحرب، فمرة يقول أوباما إنه سيدمر تنظيم داعش ويستأصله ثم يتراجع ليقول إضعافه وتقليصه، هذا التردد والحيرة والربكة في الموقف السياسي تؤثر على الموقف العسكري وهو مما لا يليق بقائد. أخيرا وليس بآخرا، كيف نثق في قيادة لا تفرق بين المدنيين والعسكريين في حربها ضد الإرهاب، ويكفي تذكر أعداد الضحايا المدنيين في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا. لا بد من إفهام هذا القائد المندفع أن حربا ضد الإرهاب لا يمكن أن يكون سببها قطع رأسي صحفيين أمريكيين، فقد جزت رقاب كثيرة ولم يحرك ساكنا، ولا لأن من انخرط فيها يحملون جوازات سفر غربية وخطورة عودتهم للغرب، هذه حرب ضد إرهاب سيلحق الجميع إن لم تتم مواجهته الآن، وهذه المواجهة يجب أن تبنى على فهم لحقيقة الوضع، وليس مجرد عمليات انتقائية أو انتقامية. جميعنا مع الحرب ضد الإرهاب، وكلنا يد واحدة ضده، لكن يجب أن أعرف أين أضع يدي أولا وكيف سأحركها ولماذا.