×
محافظة المنطقة الشرقية

أمانة الرياض تغلق مطعم أبو "دودة" عقب ظهور مقطع الفيديو

صورة الخبر

استأذنته لكتابة حواري معه، رغم أنه – أمي – قد لا يعرف ماذا يعني الحوار ولا يستطيع القراءة والكتابة. نادل مطعم قادم إلينا من واحد من بين أفقر المجتمعات على الخريطة العربية. لا مهمة له إلا القفز بين مهمتين متباعدتين متناقضتين ومتبيانتين. في الأولى، يضع الصحون ويرفعها، وفي الثانية يلعن أميركا في كل غرفة يدخل إليها وأمام كل طاولة، لأنها كما يقول: تآمرت علينا ونهبت خيرات شعوبنا وسرقت من أفواه أطفالنا قوت يومهم من أجل إطعام شعوبها العصاة الكفرة. يبرهن لي هذا البسيط الأمي الذي لا يقرأ أبداً ولا يكتب أننا "كربون" مكرر بأفكار مستنسخة من بعضها البعض. يستوي فيها العروبي القومي الحاصل على الدكتوراه من كامبردج أو السوربون، أو نادل مطعم يقول إنه هرب من المدرسة بعد عامين فقط لأنه مؤمن، وكما يقول بالحرف: إننا أمة أمية لا تعرف الحساب ويجب أن نظل إلى يوم الدين على ذلك. هربت من زملائي في غرفة المطعم كي أنفرد بلذة الحوار معه، وهو حوار طويل لا يفرق في شيء أبداً عن حوارات كبار "أنتجلنسيا" العالم العربي على قناة الجزيرة. الفارق البسيط أننا جميعاً في مستويات البنية العقلية مثل "بطيخ" في حراج يمنع السكين. ما الذي سرقته أميركا من وطنك وما الذي نهبته بروح المؤامرة من خيرات شعبك؟ هو مؤمن تماماً أن ربع سكان أميركا يعيشون على إنتاج بلده النفطي غير المسجل في كشوفات الطاقة العالمية، وأنها تشحن البواخر من "ميدي" إلى هيوستن محملة بألذ أنواع الزبيب والفاكهة والقهوة العربية، هو تماماً مثل أكبر عروبي قومي ناصري بعثي، أو أهم صحوي داعشي: يظن أن الشعب الأميركي يعيش في مضارب الخيام و"يحمس" حبوب القهوة ثم يشربها مع حليب النوق وصحنين من الزبيب والتمر. هو لا يعلم مثلاً، مثل آلاف وملايين المؤدلجين في عالمنا المشغول بروح المؤامرة، أن ولاية واحدة مثل "كاليفورنيا" هي اليوم رابع اقتصاد في العالم بأكمله، وأنها وحدها تفوق كامل اقتصاديات عالمنا العربي وناتجهم القومي مجتمعاً بسبعة أضعاف ونصف مكتملة. هو لا يعلم، مثل ملايين المؤدلجين، أن أميركا لا تريد منا: سوى الفكاك والفكة واقرؤوا عناوين نشرات الأخبار، كما شئتم منذ عشرين سنة لتعرفوا: كم نحن خطرون على هذا العالم.