نوَّارة.. لم تكن الساعات تمضي بي يوم أمس - مثل كل أمس- قبل أن تجتمع حصيلة مئات من كلمات فيه مرت بأذني, وعيني..!! وجملة من أصوات اقتحمت ثوانيها ذاكرتي...!! وبعض وجوه شاكست صمتي ملامحُها..!! مما عبأ زوادتي به يوم أمس استلهمُ اللحظة وأنا أدون الصدى.., والبقايا مما استقر منه.., فتختلج بي دلالاته.., وتتطوف بي أبعاده.., وتستنهضني لواعج كثيرة,.. بعضه يغلفونه بزخارف تشبه لباس العروس «متعوب عليه» لكنه لا يلبس إلا مرة.., وقد يبقى في ذاكرة الشهود, أو العروس ذاتها..!! وبعضه كالذنب ينكفئون عليه غطاء, غير أنه متى تصفعه عاصفة يتبدى..,!! وبعضه كالحنين ما إن يماس الشغافَ يتفتق ويندى..,!! وبعضه كالفولاذ إذا تحدَّر على الموقع شجه فيخرج النبض دما يتدفق..,!! بعضه يحرق كالنار.., وبعضه يروي كالماء.., وبعضه يتبخر كالدخان.., وقليله يبلسم كالدواء..!! وأكثره كالعبء يدك الصدر دكا..!! الكلمات التي استقرت تتصارع كالذي مسه طائف جنٍّ.., غثاءٌ.. زبدٌ.. يهدر بها الناس حيث يحبرون.., ويعبِّرون.., ويتنافسون يدلقون ما في جوفهم.., فلا يعبرون خفافاً، بل ثقالاً يغمُّون الصدر، ويبرئونه من البهجة..!! الأصوات التي ما بارحت أصداؤها, خليطٌ بين فاقد باك.., ومفقود ميت.., وناجح فرح.., وسقيم مألوم.., وسائل مجاب.., وحائر ودال..,..!! الوجوه التي تركت ملامحها مؤطرة بزوايا الذاكرة.., بعضها يُحزن.., وبعضها يستفز.., وبعضها يريح..!! وبعضها يعيد الزمن نحو زوايا أنهكتها الأغبرة..، وطوتها دواليبه..!! وبعضها يبث في العروق بذور الأمل.., ويروي غراسه..!! وفي كل هذا أنتِ.. أنتِ وحدكِ يا نوَارة تمسكين بغصن روي.. تهشين به تارة على الصدر فيستنشق زهرا.., وتمرِّرينه على الوجوه تارة أخرى تعيدين ترتيب الإطار..!! وفي ثالثة تفرطين جُملَ الكلمات كلها.., وتعيدين لي الصياغة بما يؤهلني للاستمرار..!!