بيروت: كارولين عاكوم عادت «خارطة طريق» رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، التي أطلقها قبل ثلاثة أسابيع من أجل إعادة إحياء «الحوار» بين الفرقاء اللبنانيين لتحرك الجمود السياسي على الساحة المحلية. ويلاقي حراك بري الدعوات المتكررة للرئيس اللبناني ميشال سليمان من أجل العودة إلى «طاولة الحوار» استنادا إلى وثيقة «إعلان بعبدا» التي تنص على تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، لا سيما الأزمة السورية، وقبل أيام من المبادرة المتوقعة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعنوان «الحوار من أجل لبنان» الأسبوع المقبل. ويبدو أن نتائج حراك بري، من خلال كتلته النيابية، ستنعكس إيجابا على الساحة اللبنانية، لا سيما أن معظم المواقف بشأنها كانت إيجابية، وإن أبدى بعض الفرقاء تحفظا على بعض البنود، على أن تتضح الصورة النهائية في الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد استكمال اللقاءات التي يقوم بها وفد كتلة «التنمية والتحرير» مع القوى السياسية الأخرى. وكانت لقاءات أمس، قد اقتصرت على كل من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام، للاطلاع منهم على آرائهم حول المبادرة، وفق ما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» النائب ميشال موسى، عضو كتلة بري الذي كان حاضرا في اجتماعات أمس، إلى جانب كل من النائبين ياسين جابر وعلي بزي. من جهتها، أشارت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نتائج اجتماع وفد كتلة بري مع سليمان كانت «إيجابية»، وكان تأكيد من الأخير بضرورة أن تنطلق الدعوة للحوار من وثيقة «إعلان بعبدا». ونفت المصادر أن يكون قد تم التطرق إلى موضوع تشكيل الحكومة، مشيرة إلى أن هذا الأمر يناقش في مرحلة لاحقة والمباحثات بشأنه تتم بين الرئيس سليمان ورئيس الحكومة المكلف. وفي حين أكد موسى أن هذا التحرك جاء استكمالا لمبادرة بري المرتكزة على ستة بنود أساسية، بخطوات عملية، وكانت نتائجها لغاية الآن إيجابية جدا بحيث توافق الجميع على مبدأ الحوار فيما ترك الحديث عن التفاصيل لوقت لاحق. ولفت موسى في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه ستتم متابعة اللقاءات في الأيام القليلة المقبلة مع الكتل النيابية لمعرفة مواقفها تجاه هذه المبادرة، ولتوضع بعد ذلك الأمور في أيدي رئيس الجمهورية، وهو من عليه الدعوة إلى طاولة الحوار. وعن موقف حزب الله، لا سيما أن المبادرة تنص في أحد بنودها على العمل لإخراج التداخل اللبناني من الوضع السوري والبحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع، قال موسى: «سننتظر لقاءنا بهم لمعرفة رأيهم»، معربا عن اعتقاده بعدم رفض الحزب لها ومؤكدا في الوقت عينه أن الرئيس بري لم يناقشها معه قبل طرحها، وهذا «دليل على أن المبادرة مجردة وموضوعية»، على حد تعبيره. وقد أبدى كل من سليمان وميقاتي دعمهما للمبادرة خلال لقائهما وفد بري أمس، إذ رحب سليمان بكل طرح يهدف إلى الحوار والتلاقي والتفاهم على إيجاد حلول للوضع الراهن، وشدد على ضرورة النظر بآليات تنفيذ القرارات السابقة كإعلان بعبدا والقرارات التي تم التوافق في شأنها على طاولة الحوار. وقال ميقاتي: «ندعم أي مسعى يقود إلى إحياء الحوار بين اللبنانيين لإرساء تفاهمات تحمي وطننا في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها منطقتنا»، مشددا على أن بري «هو من أكثر الحريصين على المؤسسات الدستورية وتعاونها ودور كل منها، وعلى الوحدة بين اللبنانيين، ونحن سنلاقيه في مسعاه الحواري لإنجاحه والتعاون لإنقاذ لبنان». وبعد إصدار رئاسة الجمهورية بيانها التوضيحي الأخير حول إعلان بعبدا، الذي أكدت فيها خلوه من أي بند يتطرق إلى سلاح حزب الله، مؤكدة على ضرورة العودة إلى هذه الوثيقة التي توافق عليها كل الفرقاء، أعلن رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، أن إعلان بعبدا هو خريطة الطريق الجدية والمسؤولة إلى الحوار والاستقرار والتهدئة في لبنان. وقال في بيان له: «ليس من المستحب في هذه الأيام العصيبة التي تواجهنا جميعا، أن ندخل في جدل عقيم، كمثل الجدل الذي يطلقونه حول إعلان بعبدا». وفي موازاة موقف الحريري، تنوي كتلة المستقبل تقديم ملاحظاتها لوفد كتلة بري عند لقائها به، وفق ما أشار إليه النائب أحمد فتفت، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك بنود في هذه المبادرة لا يمكن القبول بها، وهي تمهد لـ(مؤتمر تأسيسي)»، واصفا إياها بـ«المناورة السياسية» لا سيما أنها تطال صلاحيات الرؤساء الثلاثة ومجلس النواب، لناحية البنود المتعلقة، بـ«شكل الحكومة» التي هي من صلاحيات الرئيس المكلف وقانون الانتخابات الذي هو من ضمن مهام مجلس النواب إضافة إلى تطويع عناصر في الجيش والسياسية الاقتصادية التي أيضا هي من صلاحيات مجلس الوزراء. وكرر فتفت دعوته لأن يكون «إعلان بعبدا» هو الأساس في أي حوار مستقبلي، مشيرا إلى أن تجارب الحوار السابقة مع الفريق الآخر لم تكن مشجعة لا سيما بعد تنكره لوثيقة هذا الإعلان الذي أعلنوا موافقتهم عليه. في المقابل، رحبت كتلة «التغيير والإصلاح» التي يرأسها النائب ميشال عون بالحوار. وقال النائب الآن عون في سياق متصل إن «كل مسعى للحوار هو مسعى إيجابي»، موضحا «إننا في الأساس من دعاة جلوس اللبنانيين مع بعضهم البعض في حكومة وحدة أو على طاولة الحوار». وأكد أنه «لا سبيل آخر سوى الوصول إلى نتيجة»، معتبرا أن «اللبنانيين حاليا أمام خيارين، إما البقاء في حالة الشلل وتعليق كل المؤسسات والحياة السياسية في انتظار ما ستؤول إليه التطورات في سوريا، وإما السعي إلى خرق ما، ولو كان جزئيا، للاستمرار في الحياة السياسية ولو بالحد الأدنى، لبقاء استمرار المؤسسات الدستورية أكان مجلس النواب أو الحكومة، وصولا إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي من دون تجميد الحياة السياسية، ومن دون أن تبقى الأمور عالقة في انتظار الأزمة السورية التي قد تطول».