يسكن المسن الكفيف محمد عقيل عاتي والبالغ من العمر 60 عاماً، في عشة مبنية من القش وجذوع شجر الأثل، ولا تضم في داخلها سوى كرسيه الوحيد ووسادة يجلس عليها ضيوفه عند زيارته. يتحدث بكل مرارة عن معاناته منذ أن سكن في قرية الدوح التابعة لمركز الموسم بمنطقة جازان، قبل 40 عاما والذي لم يشاهد طوال تلك السنين أي من ألوان الحياة الزاهية ولم يستمتع بركب التنمية ، ويقول: إنه يعول 12 من الأولاد والبنات ويتمنى أن يستأجر لهم منزلا خارج القرية ليهيئ لهم حياة كريمة ويعوضهم سنين الحرمان التي عاشها ولا يريد لهم أن يعانوا ما عاناه من ضيق، مضيفاً انه لم يعد يهتم هو شخصياً بعد إصابته بالعمى بوصول الكهرباء للقرية كونه لم يعد يفرق بين الظلام الذي عاشه منذ الصغر، ولكنه يحلم بوحدة سكنية يرى فيها أبناؤه الضوء من خلال الإسكان القريب من قريتهم، لكن لم يحالفه الحظ في الحصول على سكن لعدم تطابق الشروط عليه، مما جعله يرى للمرة الأولى أنهم منسيون في المنطقة. وعلى ذات النحو يعيش محمد مهدي عاتي الذي لا يملك في تلك القرية سوى عشة قديمة تعكس تفاصيل حياته التي عاشها في ذلك المكان وتعبر عن معاناته في نقص الخدمات، فهو الآخر يحلم أن يرى النور بقريته وأن يشرب مياها محلاة لما يجده وأهالي القرية من صعوبة في الحصول على مياه شرب صحية فقد تعودوا على شرب المياه العادية من الوايتات الخاصة التي تأتي للقرية لتبيعها عليهم بأسعار مضاعفة، مبينا أن بلدية الموسم بادرت بتركيب أعمدة الكهرباء وبدأت في تخطيط القرية لتطويرها وفجأة سحبت الأعمدة وتوقفت عن العمل دون سابق إنذار مما أضطر البعض إلى شراء مولدات كهربائية تعمل بالديزل ولا تفي بالغرض مناشداً أمانة المنطقة وبلدية الموسم أن تهتم بمطالبهم في توفير الخدمات الأساسية. ويضيف يحيى عاتي الطالب بالصف الثاني ثانوي أنه يتمنى أن يرى التنمية في قريته لتعود لها الحياة، مضيفا: إنه يستذكر دروسه في الظلام على ضوء الكشافات والفوانيس، ولا يشعر بالفرح إلا عند ذهابه للمدرسة الواقعة في مركز الموسم ليعيش حياة التطور والتنمية. أما علي عقيل الطفل الذي لا يعرف غير اللعب في هذه الحياة، فهو أيضا لا يعرف أين يلعب، ويحلم بحديقة صغيرة تجمع كل رفاقه من صغار القرية. من جانبه أوضح الناطق الإعلامي لإمارة منطقة جازان علي زعلة بأنه إذا كان لأهالي القرية طلب سابق فسيتم تقديمه لسمو أمير المنطقة.