منذ ما يزيد على نصف قرن والمجتمع المكي يسمع عن وجود مخطط عام شامل لمكة المكرمة، وأن المخطط سوف يحسب حسابات جميع المرافق والبنى التحتية والخطة المرورية، وغيرها من الأمور التي تدرس عن وضع مخطط شامل عام لأي مدينة يريد المخططون لها أن تكون مدينة عصرية. ولو فتح أحدنا عددا من أعداد الصحف القديمة التي حررت قبل عقود لوجد أسماء شركات أسند إليها مشروع المخطط العام الشامل، ولكن السنوات تمضي وتروح ويتولى مسؤولية الأمانة أمين بعد أمين حتى تبشرنا بميلاد الهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وحمد المجتمع المكي على هذه الولادة، ولكن السنين تمضي ولم يحصل أي تغير غير وجود المولودة بيننا، أما على أرض الواقع فإن أمور تخطيط العاصمة المقدسة لم تتغير، بل ارتدت إلى الوراء؛ لأنه لو كان هناك مخطط شامل عام لما وجدنا بناء جديدا يهدم بعضه أو كله قبل أن تصل إليه الخدمات، وآخر قبل تشخيصه وهو لم يزل مسلحات، وثالثا في بداية حفر الأساسات فيقال له أردم الحفرة واضرب الباب الموقع رايح في المشروع الجديد، وهكذا. إن من أهم نوافذ وجود مخطط عام وشامل لأي مدينة أن يعرف الناس بمسيرات المشاريع وبامتدادات الشوارع والخدمات التي سوف تنفذ ومراحلها وكل ما يفيد المخطط العام، فتتعامل الناس بيعا وشراء على ما هو واضح وصريح ومستقر من خلال مخطط معتمد، فهل ما حصل ويحصل في أم القرى يدل على وجود مخطط شامل ومعتمد، أم يدل على عدم وجوده وعلى هدر للمال العام والخاص على حد سواء، ولو بوجود مخطط شامل على الورق، ولكن ما يجري لا علاقة له بالمخطط الورقي، فما الفائدة من وجوده أصلا؟.