نعترف أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نجحت في معالجة قضايا الابتزاز وقضايا أخرى كثيرة، ولكن لا يعني ذلك أن تنجح في جوانب أخرى، وهو ما حدث في حادثة الاعتداء الأخيرة علي المقيم البريطاني وحرمه، التي هي إحدى حلقات المسلسل الذي لن ينتهي إلا بضبط العمل الميداني لرجال الهيئة، وضبط سلوكيات بعض منسوبيها. الترهيب والاعتداء بهذه الصورة لا يمكن تفسيره إلا بسلوكيات منحرفة يجب معالجتها وتخليص الآمنين من ترويع هؤلاء، ولكني أتوقف هنا علي جزئية مهمة فمع كل حالة اعتداء نجد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تصرح أنها ستتحقق إن كان أطراف الاعتداء من منسوبيها أم مجرد مجتهدين! وهذا يكشف أن هناك إما استغلال هذا الجهاز من المحتسبين المتشددين، أو أن الجهاز نفسه لا يتكئ على رؤية واضحة، وما نشاهده مجرد انفلات أظهر لنا تلك الصورة السلبية عن مجتمعنا، فالمتعارف أن المجمعات التجارية تملك حراسات أمنية، وهي معنية بضبط أي سلوكيات مخالفة داخلها، فلماذا التداخل بعملها؟! وإن لزم الأمر وجود الهيئة فذلك عبر مكاتب داخل المجمعات والتحرك للضرورة في حالة تم استدعاؤهم، وعليه يتطلب تحديد المهام الأساسية لهذا الجهاز، وإلزام منسوبيه بزي رسمي موحد مشابه للقطاعات الأمنية؛ حتى لا يستغل من المتشددين، ويكون أكثر انضباطية في مهامه وسلوكياته، دون التداخل في مهام القطاعات الأخرى. صور الانفلات يجب معالجتها ولو تطلب الأمر انحصار دور الهيئة على قضايا الابتزاز وهم شاطرون فيها، ففي بلد القانون وحفظ الكرامات لا مجال للوصاية على أحد، فالقانون هو الفيصل.