في كثير من التنظيمات الإدارية نقرأ توجيهاً يشير علينا باستخدام نموذج ما تعبأ فيه البيانات وهذا أمر جميل أن يسعى الجميع لاستخدام النماذج نفسها في مطلب ما كزيادة في التنظيم ، ودقة في المتابعة ولكن هذه الطريقة لا تناسب كل الأعمال . فإذا كانت تناسب المعلومات المحدودة - مثل العنوان وتاريخ الميلاد ورقم الجواز أوغيرها من التفاصيل الصغيرة الثابته - فلن تكون مناسبة لأمور أخرى يجب أن يظهر فيها الاختلاف والتمايز . فهذه العملية التي تعتمد التطابق توفر وقتاً وجهداً على العاملين، لكنها بالتأكيد لا تناسب جميع الأعمال. ومع ذلك يحرص بعض الموظفين على التناسخ من أجل راحتهم وحفظ وقتهم وجهدهم دون أدنى اعتبار للطرف الآخر بغض النظر عن مدى تناسب هذا مع أصحاب الشأن . والمثال الذي أطرحه هو أسوأ ما يمكن أن نطبعه بطابع النموذج. تخيل أنك تعد بحثاً وتنتهي منه ثم يأتي من يقول لك: عليك أن تعد تقريراً عن هذا البحث. والتقرير هنا يعني ملخصاً للبحث في نقاط معينة ثم يقال لك : عليك أن تعد تقريرك وفقاً للنموذج المرفق !! إن ملخص البحث يتطلب أن تكتب عنوانه وهدفه وطريقة العرض ثم النتائج بطريقة مختصرة ولكل باحث أن يكتبها بطريقته الخاصة . ولكن التنظيم الإداري الذي لا يفيد إلا من اخترعه ليتمكن بدوره من اختصاره لمن يرأسه، وهكذا يستمر الحال وأتصور أن يصل في النهاية إلى أصحاب القرار وقد اكتفوا بالعنوان !! والأدهى أن كل هذا الورق للملخص وغير الملخص له نسخة الكترونية ليس لها من الإعراب مكان إلا الاستشهاد بها على أننا قوم نستخدم التقنيات !! وبعد حين من الزمن يفرج عن عملك فتتلقفه وتسارع به لمن يحكمه ويصدر حكمه عليه وتستخدم التكنولوجيا وترسله ويأتيك الحكم الذي بني على لخبطة البرامج بين الأجهزة التي تجعل الفاصلة تأتي في أول السطر ، فيعدها المحكم خطأ فادحاً يتطلب التعديل. دعوا هذا وانظروا للأجهزة المعلقة في القاعات الدراسية التي يفترض بها أن تساندك في تقديم المحاضرات لتحقق عناصر كثيرة في عملية التدريس الحديثة بالعروض التقنية ولكن هذه العروض ميتة كالأحياء فهي موجودة ولكن معطلة فأنت تحمل أجهزتك وتستعد لتشغيلها ولكن من هو مسئوول عنها لم يكلف نفسه عناء صيانتها أو التأكد من صلاحيتها من أجل أن يحقق هو الجانب الذي يخصه في استخدام التقنية التي ينص عليها كل قانون في مواصفات الاعتماد الأكاديمي وكأن هذه العروض هي القلب النابض في العملية التعليمية. فإذا توقفت، توقفت على إثرها العقول والكتب وتعثرت المعلومة بين المرسل والمرسل إليه !! ليس هذا مهماً ؛ لأن الأهم أن عقود شراء الأجهزة وتركيبها قد تمت، وأن الورق يقول: إن لدينا أجهزة عاكسة للصورة ويا لفرحتنا فنحن نملك أجهزة التحكم فيها عن بعد أيضاً. ولكنها مسكينة وقعت بين أيدينا ونحن قوم نحب امتلاك الأشياء والإعلان عنها ولكننا لا نحسن استخدامها بقدر ما نعلن عنها لينسب لنا ما نعتقد أننا نستحقه من صفات التطور ومجاراة متطلبات العصر لمجرد امتلاكنا إياها ! هذا لا ينطبق على تلك الأجهزة التعليمية وحدها وإنما على كثير من الأجهزة التي طورنا مهامها وأصبحنا نعاملها بما نريد نحن لا بما صنعت لأجله ولا بما نستحقه نحن لنستفيد منها. ففي أجهزة الجيب تابعنا الناس والتقطنا صورهم ورحنا ننشرها هنا وهناك لكشف عوراتهم أو الإساءة لهم بأي طريقة كانت استجابة لحالة مَرضيّة لدينا. وحرصنا على ترويج الشائعات، وتلصصنا على الآخرين، ومنعنا ألسنتنا من الهمز واللمز ونقلنا الأفعال نفسها لنترك رؤوس أصابعنا تقوم بالمهمة !! لا أجد وصفاً مناسباً لحالنا فهل تستطيعون؟